أخبار عاجلة
إليكم مقررات جلسة مجلس الوزراء! -
الصين تحذر تايوان من "اللعب بالنار" -

الدعومات... بين الإنفاق المستدام وضغوط العجز المالي

الدعومات... بين الإنفاق المستدام وضغوط العجز المالي
الدعومات... بين الإنفاق المستدام وضغوط العجز المالي

منذ عقود طويلة، يشكل ملف الدعومات أحد أكثر الملفات المالية حساسية في الكويت، ويظل بنداً أساسياً في الميزانية العامة للبلاد، تتجاذبه القوى السياسية والاقتصادية، وسط تساؤلات متكررة عن جدواه، وفاعليته، وقدرته على تحقيق العدالة الاجتماعية، ومع استمرار الضغوط المالية الناجمة عن العجز المتتالي، تجد الدولة نفسها أمام معادلة صعبة وسؤال جوهري مفاده: كيف تحافظ على دعم المواطنين دون أن يصبح هذا الدعم عبئاً قاتلاً على الخزانة العامة؟

ووفق الحسابات الختامية للسنوات الخمس الماضية (2019/2020-2023/2024) تكشف حجم الدعومات أنه بلغ ما تم إنفاقه على هذا البند 22.5 مليار دينار، موزعة كالتالي: 4.02 مليارات دينار في الحساب الختامي لسنة 2019/2020، و3.73 مليارات دينار لسنة 2020/2021، و4.52 مليارات دينار لسنة 2021/2022، و4.38 مليارات دينار لسنة 2022/2023، وأتت الدعومات في آخر حساب ختامي 2023/2024 بواقع 5.88 مليارات دينار.




جانب من مشروع خط الغاز المسال الخامس في مصفاة ميناء الأحمدي جانب من مشروع خط الغاز المسال الخامس في مصفاة ميناء الأحمدي

وبالنظر إلى الأرقام، يتضح أن الدعومات تأخذ حصة كبيرة من الميزانية، إذ تشكل نحو 20 في المئة من إجمالي الإنفاق الحكومي في السنوات الأخيرة، مما يجعلها في صلب النقاشات الدائرة حول ترشيد الإنفاق وتعزيز الاستدامة المالية.

ومنذ سنوات، تتكرر الدعوات إلى إصلاح نظام الدعومات، بحيث يصبح أكثر كفاءة ويستهدف الفئات الأكثر حاجة، بدلاً من استمراره بصيغته الحالية، التي يستفيد منها الجميع بغض النظر عن مستوى الدخل، ومن أبرز الدعومات تلك المتعلقة بدعم الطاقة والمشتقات النفطية وتندرج تحتها أسعار الكهرباء والماء.

ولا تقل مسألة إصلاح دعم السلع الأساسية أهمية، فبالإمكان إطلاق نظام البطاقات التموينية الذكية لضمان وصول الدعم إلى المستحقين، علاوة على تقليل الاعتماد على الواردات وتعزيز المنتجات الوطنية.

كذلك بالإمكان الاستعانة بالقطاع الخاص وتحفيزه على المشاركة في تقديم الخدمات المدعومة لخلق بيئة استثمارية تتيح لهذا القطاع تقديم خدمات بأسعار تنافسية، ما من شأنه تقليل الاعتماد على الدعم الحكومي في قطاعات يمكن للقطاع الخاص أن يؤدي دوراً فيها بما يقلل التكلفة في الدعومات.

وعلى الرغم من وضوح الحاجة إلى إصلاح ملف الدعومات، فإن التحديات التي تعرقل ذلك تنطوي على عقبات لا تزال قائمة تحول دون تنفيذ هذه الإصلاحات، منها المخاوف الشعبية من أي تقليص في الدعم، خصوصاً وسط ارتفاع تكاليف المعيشة، إضافة إلى «الضغوط السياسية»، والأهم غياب استراتيجية تنفيذ واضحة، وكل ما تقدم تجعل الإصلاحات مجرد شعارات متكررة دون خطوات عملية ملموسة.

ووسط تصاعد الضغوط المالية، تبقى حقيقة لا يمكن إنكارها أو تجاهلها هي أنه لا يمكن للدولة أن تستمر في تقديم الدعومات بالنهج الحالي نفسه، لكن يبقى السؤال الأهم: كيف يمكن تحقيق الإصلاح دون المساس بأصحاب الدخل المحدود؟، وللمضي قدماً في هذا الملف تتطلب المسألة أمرين ضروريين الأول: أن يتم تعزيز الشفافية في آليات تقديم الدعم ليكون واضحاً من المستفيد الحقيقي، وما إذا كانت الأموال تذهب إلى مستحقيها فعلاً، والأمر الآخر هو تشجيع ثقافة الترشيد والاستهلاك الذكي، خصوصاً في قطاعات مثل الطاقة والمياه، عبر حملات توعوية وحوافز لتقليل الهدر.

لكن ملف الدعومات ليس مجرد بند مالي في الميزانية، بل يبقى قضية ترتبط مباشرة بالعدالة الاجتماعية والاستدامة المالية، وبينما يبقى الدعم الحكومي ضرورة للحفاظ على مستوى معيشة كريمة للمواطنين، فإن التحدي اليوم هو إعادة تصميم هذا الدعم ليكون أكثر عدالة وأقل استنزافاً للموارد العامة، عبر برامج لا تتسم بالعشوائية وقرارات رد الفعل.

فهل نشهد خلال السنوات المقبلة إصلاحاً حقيقياً يوازن بين احتياجات المواطنين ومتطلبات الإصلاح المالي؟ أم أن ملف الدعومات سيبقى رهينة التجاذبات السياسية والاقتصادية؟

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق وزارة التجارة تضبط 18 مخالفة خلال 343 جولة رقابية في رمضان
التالى جسيمات بلاستيكية دقيقة في المحاليل الوريدية