ورغم أن خفض أسعار الفائدة يحمل في ظاهره نية لتحفيز الاقتصاد، إلا أن غياب الرؤية الاقتصادية الشاملة واستمرار السياسات الاحتكارية يقوّض فعاليته، ويبقي الاقتصاد المصري في دوامة الركود والتضخم في آنٍ واحد.
وفي وقت يرى فيه البعض أن القرار يحمل أملاً بانتعاش جزئي، يؤكد الواقع أن حل الأزمة الاقتصادية في مصر لا يكمن في الفائدة، بل في إعادة هيكلة شاملة للاقتصاد وتحريره من قبضة العسكر.
دلالات الخفض: محاولة لتحريك الاقتصاد الراكد
بحسب محللين اقتصاديين تحدثوا ل "رويترز"، يعكس قرار الخفض رغبة "المركزي" في تنشيط الاقتصاد الراكد بعد شهور من السياسة النقدية الانكماشية التي أثقلت كاهل الشركات والمستهلكين على حد سواء.
ويقول الخبير الاقتصادي ممدوح الولي، ، إن خفض الفائدة في هذا التوقيت رسالة بأن السلطات بدأت تشعر باختناق الاقتصاد الحقيقي، مضيفًا أن تكلفة الاقتراض المرتفعة أدت إلى شلل في قطاعي الصناعة والعقارات، وهروب استثمارات محلية.
ويؤكد رجل أعمال مصري مقيم في الولايات المتحدة، والذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "خفض الفائدة لا يغير شيئًا في ظل غياب البيئة الاستثمارية الحرة. كل المستثمرين الذين أعرفهم انسحبوا من مصر، والسبب ليس الفائدة، بل هيمنة المؤسسة العسكرية على الاقتصاد".
تضخم جامح يعقّد المشهد
رغم انخفاض نسبي في معدلات التضخم خلال الشهور الأخيرة، إلا أن بيانات شهر مارس كشفت عن عودة معدلات التضخم إلى الارتفاع من جديد، ما يثير مخاوف من أن خفض الفائدة قد يغذي موجة تضخمية جديدة، خاصة مع استعداد الحكومة لرفع أسعار الوقود قريبًا بما يتماشى مع تكلفة الاستيراد، وفق توصيات صندوق النقد الدولي.
هل هناك مكاسب محتملة؟
رغم هذه التحذيرات، يرى بعض المحللين أن الخفض خطوة مبدئية ضرورية لتمهيد الطريق أمام استعادة النشاط الاقتصادي، حيث من المتوقع أن:
تنخفض تكلفة الاقتراض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، والتي كانت تعاني من تجميد الاستثمارات بسبب أسعار الفائدة المرتفعة.
ينشط سوق العقارات والتشييد الذي شهد تراجعًا كبيرًا نتيجة جفاف التمويل البنكي.
يتحسن سوق الأسهم جزئيًا، في ظل بحث المستثمرين عن أدوات بديلة للعائد بعيدًا عن الودائع البنكية.
اقتصاد مأزوم تحت مظلة سلطة عاجزة
غير أن هذه المكاسب المحتملة تصطدم بحقائق الواقع الاقتصادي المصري، إذ لا تزال البلاد تعاني من:
أزمة ديون خانقة، إذ تخطت الديون الخارجية حاجز 165 مليار دولار، وفقًا للبنك الدولي.
غياب الثقة لدى المستثمرين، مع سيطرة الجيش على مفاصل الاقتصاد وتهميش القطاع الخاص.
انكماش في القوة الشرائية للمواطنين، نتيجة موجات متتالية من التضخم وضعف الأجور.
0 تعليق