خاص | النقار
"مش وقت.. احنا في عدوان"، النغمة الأثيرة جدا بالنسبة لسلطة صنعاء، والتي لا تنفك تطغى على المشهد من حين لآخر، فلا يعود ثمة صوت أو نغمة دونها. لكأن تلك السلطة وُجدت فقط ليكون أمامها على الدوام شيء اسمه (عدوان) وشيء مقابل اسمه (مش وقت)، ولتكون عشر سنوات من عمر اليمنيين قد أُزهقت تحت هذين العنوانين.
عشر سنوات هي تماما عمر تلك السلطة مثلما أنها عمر (مش وقت احنا في عدوان).
والمشكلة أن هذا الشيء الذي اسمه (مش وقت) لا يكون إلا عندما تطالَب تلك السلطة بشيء من مسؤولياتها، كأن تصرف للناس نصف راتب مثلا، أو ربعه أو ثمنه، وذلك حسبما سيقترحه مزاج وزير ماليتها الجرموزي، أو كأن تقوم بالإفراج عن نصف معتقل حتى تفكر في أمر النصف الآخر، أو أن تقوم بردم نصف حفرة من تلك التي تملأ شوارع مدنها حتى ولو من بند الغارمين. هنا فقط يسمعها القاصي والداني وهي تقول (مش وقت احنا في عدوان). أما وهي تسلخ جلود الناس وتطلق هيئاتها الجبائية المسعورة من ضرائب وجمارك وزكاة وإسكان وصحة وأراض وأوقاف وثقافة وسياحة وضبط مروري وغيرها وغيرها، واتصالات ورسائل هاتفية تحث الناس على التبرع ودعم هذه الجهة أو تلك، فإن كل ذلك يحدث بمعزل عن شيء اسمه مش وقت. فتلك مسألة لا يمكن لها أن تتساهل معها على الإطلاق، وأي هالك من أولئك قد يجرؤ فيقول لها (مش وقت)؟ إنه بذلك يكون قد حكم على نفسه بالفناء. فهو كائن خُلق ليدفع فقط، وفي كل وقت وتحت أي ظرف، وليقول على الدوام سمعا وطاعة وامتثالا وعبودية، وليس ليقول (مش وقت احنا في عدوان)، فذاك أمر من حق سلطة صنعاء وحدها أن تقوله، باعتباره الشيء الوحيد الذي وُجدت لأجله.