في خطوة تهدف إلى فهم أعمق لظاهرة العنف المدرسي وتأثيراتها، أجرت نيابة الأحداث استبياناً استهدف 300 طفل، لرصد مدى انتشار العنف في البيئة التعليمية وانعكاساته على الطلبة، وكشفت النقاب عن أن 1313 قضية تم تسجيلها في نيابة الأحداث خلال السنوات الأربع الماضية.
وقالت النيابة، في بيان نشرت فيه نتائج دراستها، إن الدراسة أتت في إطار مسؤوليتها الاجتماعية، وسعيها لمتابعة القضايا التي تمسّ الأطفال لضمان بيئة آمنة لهم، وتهدف إلى تعزيز التعاون المشترك بين المؤسسات التعليمية والأسر والأطفال، لضمان بيئة مدرسية آمنة من خلال رفع مستوى الوعي والفهم القانوني لدى الأسر والطلاب حول أخطار العنف وآثاره السلبية عليهم، ونشر ثقافة الحوار والتسامح بين الأطفال والأسر، وتطوير استراتيجيات التدخل المبكر لرصد السلوكيات العدوانية.
تصاعد معدلات العنف المدرسي في السنوات الأخيرة وتحذيرات من تداعياته السلبية على الأطفال
وأظهر الاستبيان أن 66 بالمئة من المشاركين في الاستبيان يتعرّضون للعنف المدرسي، وأن 69.9 بالمئة منهم أُصيبوا بشعور بالخوف، وانخفاض في التحصيل الدراسي، والتفكير في تغيير مدارسهم، في حين كشف أن 64.6 بالمئة لم يتصالحوا مع المعتدين عليهم، مقابل 35.4 بالمئة تصالحوا مع الجناة.
معالجة الظاهرة
وأجمع 93 بالمئة من الطلبة الذين خضعوا للاستبيان على ضرورة اتخاذ إجراءات للحد من العنف المدرسي، وشملت مقترحاتهم تعزيز التوعية والنصح حول مخاطر العنف وآثاره، واتخاذ إجراءات حازمة من المدارس للحد من هذه الظاهرة.
وأظهرت نتائج استبيان نيابة الأحداث ارتفاعاً ملحوظاً في عدد القضايا المرتبطة بالعنف المدرسي، حيث سجل مؤشر قضايا الاعتداء بالضرب المسجلة في نيابة الأحداث تصاعداً خلال السنوات الأربع الأخيرة، وهي على التوالي: 226 قضية عام 2021، و362 خلال 2022، و334 في 2023، إضافة إلى391 قضية عام 2024.
وجاءت نتائج الاستبيان أيضا بتسجيل ارتفاع متواصل في قضايا الضرب والمشاجرات داخل المدارس وخارجها في 3 أعوام دراسية، وهي على التوالي: 184 قضية للعام الدراسي 2021 - 2022، و227 قضية لعام 2022 - 2023، و272 قضية لعام 2023 - 2024.
الاستبيان أظهر نقص الوعي القانوني لدى الطلاب بشأن العنف الجسدي واللفظي
وأظهر الاستبيان ملامح فئات الـ 300 طفل المشاركين في عينة الاستبيان وفق أربعة أطر، أولها القطاع التعليمي، حيث شكّل القطاع التعليم الحكومي نسبة 71.8 بالمئة مقابل 28.2 بالمئة من قطاع التعليم الخاص، ثانياً بحسب شريحة العمر، فشكلت الفئات العمرية من 10 الى 14 سنة نحو 29.7 بالمئة، مقابل 70.3 في المئة للشريحة العمرية من 15 إلى 17 سنة، ثالثاً وفق الجنسية، حيث كانت نسبة المشاركين 80.7 بالمئة من الكويتيين مقابل 19.3 بالمئة من المقيمين، رابعاً وفق الجنس، وكانت بواقع 91.7 من الذكور مقابل 8.3 بالمئة من الإناث.
وتناول الاستبيان مستوى الاستقرار الأسري وعلاقته بالعنف، إذ كشفت الدراسة أن 82.3 بالمئة من الأطفال المشاركين يعيشون في أسر مستقرة، في حين أن 17.7 بالمئة أشاروا إلى وجود مشاكل أسرية.
أما عن مسألة مدى وعي الطلاب بالعواقب القانونية لأشكال العنف، فأظهر الاستبيان أن هناك نقصا في الوعي القانوني لدى الطلاب، بشأن العنف الجسدي واللفظي، حيث لم يكن 32.6 بالمئة من الفئة العمرية 10 - 14 سنة و21.8 بالمئة من الفئة 15 - 17 سنة على دراية وعلم بأن كل من «الشتائم، والتنمر، والضرب» تُعد جرائم يعاقب عليها القانون.
93% من العينة اقترحت التوعية بمخاطر العنف المدرسي واتخاذ إجراءات إدارية حازمة
كما أن 62.9 بالمئة من الطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و14 سنة، و42.2 في المئة من الفئة 15 إلى 17 سنة لم يكونوا على دراية وعلم بالعقوبات القانونية التي قد تصل إلى تحقيق جنائي وحبس احتياطي وإحالة للمحاكم الجزائية.
وكشف الاستبيان أن 66 بالمئة من المشاركين فيه تعرّضوا للعنف، بينما أكد 60.6 بالمئة من الطلاب المشاركين في الاستبيان تعرّضهم للعنف بشكل متكرر، سواء كان عنفا جسديا أو لفظيا، كما أظهر الاستبيان أن 31.5 بالمئة تعرضوا لأحد اشكال العنف داخل الفصل الدراسي، في حين تعرّض 39.4 بالمئة في ساحة المدرسة، و26.1 بالمئة تعرّض لأحد أشكال العنف خارج أسوار المدرسة. ورغم ارتفاع نسب التعرّض للعنف، فقد كشفت البيانات أن 82.8 بالمئة من الضحايا أبلغوا عن حالات العنف التي تعرّضوا لها، بينما 17.2 بالمئة لم يقوموا بالإبلاغ.
82.3% من الأطفال المشاركين يعيشون في أسر مستقرة مقابل 17.7% يعانون مشاكل أسرية
شكراً للنيابة العامة
حرص نيابة الأحداث على تفعيل دورها المجتمعي لإظهار حجم المشكلة وآثارها وسبل حلها، جهد تُشكر عليه، فما كشفت عنه نتائج الاستبيان يشير إلى تنامي ظاهرة العنف المدرسي بشكل ملحوظ، مما يستوجب تضافر جهود قياديي وزارة التربية والمؤسسات التعليمية والأسر، والجهات المعنية للحد من هذه الظاهرة عبر التوعية، والقوانين الرادعة، وخلق بيئة مدرسية آمنة تسودها روح التسامح والحوار بين أبنائنا الطلبة، وغرس مفهوم أن التعليم الذي يتلقونه اليوم سيحصدون ثماره بجميع الأشكال في مستقبلهم، مع تعزيز قيم المجتمع المدني في التعامل مع أقرانهم الطلبة.