سجل الذهب اليوم أعلى مستوى له على الإطلاق، مدعوما بالطلب على أصول الملاذ الآمن والتوتر الجيوسياسي وعدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية، بينما يترقب المتعاملون قرار مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) بشأن السياسة النقدية.
وبلغ سعر الذهب في المعاملات الفورية 3035.12 دولارا للأوقية (الأونصة)، بعد أن وصل إلى أعلى مستوى على الإطلاق عند 3038.90 دولارا في وقت سابق من الجلسة، وارتفعت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.1 في المئة إلى 3042.20 دولارا.
وقال تيم ووترر، كبير محللي السوق في «كيه سي إم تريد»: «ينظر المتعاملون إلى الذهب باعتباره أصلا مجهزا جيدا للتعامل مع حالة عدم اليقين الاقتصادي المرتبطة بالرسوم الجمركية».
ويشعر المستثمرون بالقلق من تباطؤ اقتصادي وتزايد مخاطر الركود بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي يُعتقد على نطاق واسع أنها ستؤدي إلى زيادة التضخم.
وأججت الرسوم الجمركية التوتر التجاري، وتشمل رسوما ثابتة 25 في المئة على الصلب والألمنيوم دخلت حيز التنفيذ في فبراير، ورسوما متبادلة وعلى قطاعات معينة ستُفرض في 2 أبريل.
وعلى الصعيد الجيوسياسي، شنت إسرائيل غارات جوية على غزة، قالت السلطات الصحية الفلسطينية إنها تسببت في مقتل أكثر من 400 شخص أمس الثلاثاء، مما أنهى هدوءا نسبيا قارب الشهرين منذ بدء وقف إطلاق النار، في حين حذرت إسرائيل من أن الهجوم «مجرد البداية».
وقفز سعر الذهب، الذي يعتبر تاريخيا وسيلة تحوط من عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي، بأكثر من 15 في المئة منذ بداية العام.
وفي غضون ذلك، من المتوقع أن يبقي البنك المركزي الأميركي سعر الفائدة القياسي ثابتا عند نطاق 4.25-4.50 في المئة في ختام اجتماعه للسياسة النقدية الذي يستمر يومين في وقت لاحق من اليوم.
ويترقب المشاركون في السوق أيضا خطاب رئيس البنك جيروم باول، عقب قرار أسعار الفائدة، لاستشراف مسار السياسة النقدية الأميركية. ويرتفع الذهب الذي لا يدر عائدا في ظل انخفاض أسعار الفائدة.
وعلى صعيد المعادن النفيسة الأخرى، انخفض سعر الفضة في المعاملات الفورية 0.2 في المئة إلى 33.97 دولارا للأوقية، وتراجع البلاتين 0.4 في المئة إلى 992.85 دولارا، ونزل البلاديوم 0.1 في المئة إلى 966.24 دولارا.
وكان بنك يو بي إس (UBS) رفع توقعاته لسعر الذهب المستهدف من 3000 دولار إلى 3200 دولار للأونصة، مؤكداً تفضيله للمعدن النفيس، حيث يبحث المستثمرون عن ملاذ آمن، في ظل المخاطر الجيوسياسية والتعريفات الجمركية.
وأكد محللو «UBS» أن البنك سيعزز مراكز الشراء على خلفية التراجعات، حيث ارتفع الذهب بأكثر من 14 بالمئة منذ بداية العام.
وأضاف «UBS»: «مع وصول السعر الآن إلى هدفنا الذي تمسكنا به منذ فترة طويلة، وهو 3000 دولار للأونصة، فإن السؤال الرئيسي هو ما إذا كان هذا الارتفاع سيستمر. نعتقد ذلك، طالما استمرت مخاطر السياسة وتصاعد النزاع التجاري في تحفيز الطلب على الملاذ الآمن»، وفق ما ذكره موقع seekingalpha، واطلعت عليه «العربية Business».
وقال «UBS»، إن ارتفاع احتمالات نشوب حرب تجارية مطولة وأوسع نطاقاً أخيراً زاد إلى 35 بالمئة (من 25 بالمئة)، «لا نستبعد مزيداً من التوجه نحو تقييم المخاطر، لا سيما مع استعداد إدارة ترامب لإصدار نتائج تحقيقها التجاري في 2 أبريل، وفقاً للمحللين».
وعلى المدى القصير، يُقرّ البنك بأن السوق قد انجرفت إلى منطقة ذروة الشراء الفنية، لكنه يعتقد أن المزاج السائد بين المستثمرين لا يزال يتسم بالحذر تجاه الأسهم الأميركية والثقة في الذهب.
في السابق، حدد بنك UBS تجدد التدفقات إلى صناديق الاستثمار المتداولة كشرط لدفع مسار ارتفاع سعر المعدن الأصفر. ومع تحقق ذلك، وإبلاغ أكبر صندوق استثمار متداول بالذهب في العالم (SPDR Gold Trust) عن حيازاته التي بلغت حوالي 908 أطنان في فبراير، فإن الزخم المستمر في هذه التدفقات، إلى جانب الطلب على السبائك والعملات المعدنية، لا يزال مهماً كما كان دائماً، في هذا السياق، على حد قوله.
على صعيد آخر، خفض بنك غولدمان ساكس توقعاته لأسعار النفط، حيث تُقلل الرسوم الجمركية من توقعات النمو في الولايات المتحدة، بينما تُبقي «أوبك+» الإنتاج عند مستوياته الحالية.
وقال محللو «غولدمان ساكس»، في مذكرة صدرت يوم الأحد: «في حين أن انخفاض سعر برميل النفط بمقدار 10 دولارات منذ منتصف يناير يفوق التغير في أساسيات توقعاتنا الأساسية، فإننا نخفض توقعاتنا لسعر خام برنت لشهر ديسمبر 2025 بمقدار 5 دولارات إلى 71 دولاراً».