أطلقت المجموعة العربية لحماية الطبيعة بالشراكة مع الشبكة العربية للسيادة على الغذاء، وعدد من الجمعيات الأهلية، مشروع “معاً لزيتون لبنان”، الهادف إلى إعادة تأهيل مزارع الزيتون المتضررة نتيجة العدوان الإسرائيلي وذلك خلال حفل رسمي أُقيم في مقر نقابة المهندسين في بيروت، وبرعاية وزير الزراعة اللبناني الدكتور نزار هاني. حضرت الاحتفال ممثلة وزيرة البيئة تمارا الزين إيليز نجيم، رئيس لجنة الزراعة والسياحة النيابية النائب أيوب حميّد، النواب: غازي زعيتر، وليد البعريني، وجيمي جبّور، نقيب المهندسين في بيروت فادي حنا، رئيسة “المجموعة العربية لحماية الطبيعة” رزان أكرم زعيتر، مدير مديرية أمن الإدارة العامة والمؤسسات في جهاز أمن الدولة العميد حسين سلمان، المديرون العامّون، عمداء الكليات في جامعات لبنان، الأكاديميون والمهندسون رؤساء وأعضاء النقابات والتعاونيات الزراعية، رؤساء وأعضاء تجمّع المزارعين، نقيب الفنانين اللبنانيين نعمة بدوي، رؤساء وممثلو الجمعيّات البيئيّة والأهلية.
وأكد هاني في كلمته أن “الرسالة التي تحملها، هي رسالة وحدة وتعاون بين المزارعين وصنّاع القرار، بهدف الوقوف إلى جانب المزارع الجنوبي ودعم القطاع الزراعي في جميع المناطق اللبنانية “، مضيفاً أن “لدينا اليوم فرصة حقيقية في لبنان لنعمل معًا بروح التضامن، لأننا نعيش على أرض واحدة وننتمي إلى قضية واحدة”. مؤكدًا أن “الحكومة تعمل بخطوات عملية ومدروسة، وأن إعادة تأهيل القطاع الزراعي، خصوصًا في المناطق المتضررة، تُعدّ أولوية، إلى جانب تطوير الإرشاد الزراعي، ومواجهة التغيرات المناخية، واعتماد التقنيات الحديثة لمواكبة التحديات الراهنة”.
وقال: “إن الوزارة ستكون دائما إلى جانب المواطنين في دعم القطاع الزراعي، وستُطلق قريبًا حملة وطنية بعنوان “الزراعة نبض الأرض”، تهدف إلى تسليط الضوء على أهمية الزراعة ودورها المحوري في الاقتصاد الوطني”.
ودعا، بالتعاون مع “العربية لحماية الطبيعة” وخبراء الوزارة، إلى دعم هذه الحملة الوطنية والانخراط فيها.
من جهتها، قالت رئيسة العربية لحماية الطبيعة رزان زعيتر: “المشروع يمثل نموذجاً للعمل العربي التضامني، حيث يجتمع المجتمع المدني العربي لدعم لبنان في لحظة حرجة”.
وشددت على أن “إحياء الأراضي الزراعية هو في الوقت ذاته إحياء للأمل والكرامة”. وأضافت: “يحتضننا لبنان الأرز والزيتون ونحن نقدم أقل الواجب في سبيل هذا الوطن الكبير وجنوبه الشامخ الحر، زرعنا في محافظ النبطية في 28 شباط 200 شجرة زيتون، وغدا سنزرع 2000 شجرة في تراب الجنوب في قانا ولتعانق أيدينا جذورها وهي تعود إلى إرضها في حملة وطنية عربية لبنانية جامعة لكل أطياف محبي لنبان داخله وخارجه”.
وختمت بالاشارة الى بداية العربية لحماية الطبيعة ومقاومتها الخضراء في عام 2000 بالتزامن مع الإنتفاضة الثانية لفلسطين حيث تزايد إقتلاع زيتون فلسطين إلى شجرة في كل دقيقة في بعض الأوقات، قائلة: “لأننا نكره الظلم أطلقنا شعار يقلعون شجرة نزرع 10 شجرات, وليصل مجموع أشجارنا بعد 25 عام ومع آلاف المتطوعين وبدون أي تمويل أجنبي إلى 3 ملايين و 250 ألف شجرة يدعمون 47 ألف مزارع يعيلون أكثر من ربع مليون نسمة، وبالإضافة إلى البذور والآبار والدواجن وشباك الصيد والنحل وشبكات الري”.
بدوره قال حنا: “لكل من يسأل كم خسرنا من الزيتون, أريد القول نحن خسرنا 70 شهيداً رووا الأرض ليبقى الزيتون, نحن قدمنا في نقابة المهندسين 70 شهيد لكي يبقى الزيتون وهذه اول ما يمكن تقدمته للزيتون وللبنان. لبنان لديه 11 ألف مزارع تأثروا في الحرب الهمجية وحوالي 750 مليون دولار في هذا القطاع وحوالي 134 ألف هكتار من الأراضي الزراعية المتضررة و80 بالمية من محصول لبنان هو من الجنوب في الزراع, وشجرة الزيتون عمرها فوق ال 6 ألاف سنة وهي رمز لبنان ورمز السلام”.
وقالت عميدة كلية الزراعة في الجامعة اللبنانية نادين ناصيف: “يسعدني أن شجرة الزيتون ليست هي مجرد محصول زراعي بل هي رمز للصمود والإنتماء والإستمرارية في ثقافتنا وتراثنا وجزءً لا يتجزأ من هوية لبنان الطبيعية والثقافية حيث تمتد جذورها إلى أعماق أرضنا الطيبة. نعتبر شجرة الزيتون ركنا اساسيا لمستقبل القطاع الزراعي في لبنان الذي يواجه تحديات جديدة من تلوث بيئي وتصحر وإحتباس حراري وشح في الموارد المائية كما من آثار الحرب على مدى عقود من الزمن فغدا من الضروري وضع سياسات زراعية جديدة لمواجهة التحديات”.
ومثل المزارع محمد عمر المزارعين المتضررين من الحرب في كلمة قال فيها: “أتينا اليوم لكي نقف جنبا إلى جنب مع العربية لحماية الطبيعة لأن الضرر الكبير الذي لحق في أشجار الزيتون كان كبيرا جدا ولكي نعيد زراعة الزيتون من جديد, فهو شعارنا الأبدي, وأننا كمزارعين سنبقى في أرضنا ولن نتركها أبداً”.
وشكر العربية من خلال هذا المشروع لأن الضرر الذي وقع على المزارعين كان كبيراً ولكن صمودهم أكبر، مؤكدا أن كل لبناني هو شجرة زيتون.
يذكر أن المشروع يهدف إلى إعادة زراعة نحو 8000 دونم من مزارع الزيتون التي دمرها العدوان الإسرائيلي، والمساهمة في حماية التراث الزراعي والهوية الثقافية المرتبطة بهذه الشجرة العريقة. كما يسعى لتعزيز السيادة الغذائية في لبنان، وبناء شراكات مستدامة مع المؤسسات الأكاديمية، والبلديات، والقطاع الخاص، والمغتربين اللبنانيين، والمؤسسات غير الحكومية. ويأتي هذا المشروع في ظل أزمة بيئية وزراعية حادة يشهدها لبنان، خاصة في جنوبه وشرقه، حيث تعرضت الأراضي الزراعية لتدمير ممنهج نتيجة استخدام القوات الإسرائيلية أسلحة محرمة دولياً، منها الفسفور الأبيض، ما أدى إلى حرق أكثر من 20 ألف دونم، ونزوح المزارعين عن نحو 120 ألف دونم آخر.
وقدرت الخسائر في قطاع الزيتون حتى نهاية عام 2024 بأكثر من 236 مليون دولار نتيجة تعطيل حصاد الزيتون وتدمير حقوله خاصة في الجنوب، إضافة إلى فقدان أكثر من 56 ألف شجرة زيتون، من ضمنها أشجار تاريخية يُقدّر عمر بعضها بأكثر من 150 عامًا، ما يشكل تهديدًا مباشرًا لهوية لبنان البيئية والثقافية. ويشارك في تنفيذ المشروع عدد من المؤسسات والجمعيات، من أبرزها: وزارة الزراعة اللبنانية، الحركة الزراعية في لبنان، مجموعة العمل الاقتصادي والاجتماعي (سياق)، منظمة “لوياك” – الكويت، وحدة البيئة والتنمية المستدامة في الجامعة الأميركية في بيروت، مؤسسة “دالة”، و”خلية معالجة الأزمات” في الجامعة اللبنانية.
ويذكر ان المجموعة العربية كانت قد أعلنت عن المشروع في نهاية شباط الفائت بزراعة 200 شجرة زيتون في عدد من مزارع محافظة النبطية.
0 تعليق