خاص-النقار
اتصالات معطلة، وصيارفة مغلقون، وبنزين مغشوش، وسيولة منعدمة، وقصف وعقوبات، وصرخة وزوامل، وسلطة تجيد إزجاء التهاني والتبريكات مع كل مناسبة، ثم تنسى أن تضيف إليها البهارات اللازمة فتبدو تهانيها وتبريكاتها شاحبة بلا ملح ولا مذاق.
عاش المواطنون أمس ليلة عيد تائهة بكل المقاييس والمستويات. تواطأت عليهم فيها حتى محلات الملابس، فضلا عن حكومة قررت صرف نصف الراتب في الأيام الأخيرة من رمضان لكي يكون الازدحام على أشده فيأتي دور شركات الصرافة لتكمل امتهانهم بالطريقة التي تحلو لها، تارة باشتراط أن الصرف لن يكون إلا من فئة الخمسمائة، وتارة أخرى بعدم صرف أكثر من حوالة، ثم أخيرا وقف صرف أي حوالة مهما كان صغرها، وإغلاق أبوابها بشكل تام. حتى الصرافات الآلية عبست بوجهها أمام أصحاب البطاقات الذكية وقد جاؤوا يهرعون إليها ثقة بالبنوك التي تقول بأن صرافاتها تلك هي الحل، وإذا بها هي أيضا متواطئة بشكل أو بآخر.
اللوحات المعلقة عند رأس الكاشير في المولات والمحلات، والتي تقول بأنه لا داعي للقلق من كونك لا تحمل مالاً في جيبك طالما أن لديك حسابا في هذا البنك أو ذاك، هذه اللوحات اختفت عن أنظار أولئك الباحثين بيأس عن آخر أمل لعودتهم بالملابس التي انتقوها أولادهم. أحدهم على سبيل المثال وفي أحد المولات الشهيرة، وقف أمام الكاشير محملا بملابس اولاده الذين إلى جانبه، كان بحوزته ستون ألف ريال، فزادت فاتورة الكاشير عليها عشرة آلاف فأخرج هاتفه طالبا رقم حساب المول حتى يقوم بتسديد بقية المبلغ من حسابه، إلا أن الكاشير طلب منه ألا يتعب نفسه حيث التعليمات بأن يكون الدفع كاش، وبالتالي عليه إما أن يدفع بقية المبلغ أو أن يستغني عن بعض ملابس أطفاله الذين كانوا إلى جانبه متشبثين بكسوتهم وغير مستعدين للتفريط بشيء منها، ليضطر هو إلى التنازل عما كان قد أخذه لنفسه فلا يكسر نفسية صغاره التي كسرتها ودمرتها سلطة وحكومة وبنك وصيارفة.
