أسماء ياسر
منذ لحظة انطلاقه فى عام 2014، لم يكن برنامج تكافل وكرامة» مجرد حزمة من المساعدات النقدية، بل كان بمثابة نواة لثورة اجتماعية تنموية أعادت رسم خريطة العدالة الاجتماعية فى مصر.
عشر سنوات مرت على هذا البرنامج تحوّل خلالها من دعم مباشر إلى استثمار حقيقى فى المواطن، ومن شبكة أمان اجتماعى إلى جسر يعبر بالملايين نحو التمكين الاقتصادى والكرامة الإنسانية، وفى ظل قيادة سياسية وضعت الإنسان فى قلب أولوياتها، بات البرنامج أحد أبرز أعمدة الحماية الاجتماعية فى الدولة، وشاهدًا حيًا على إرادة لا تهدأ فى بناء مجتمع أكثر عدالة وشمولًا.
اقرأ أيضًا | a href="https://akhbarelyom.com/news/newdetails/4592438/1/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B6%D8%A7%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%86%D8%B7%D9%84%D8%A7%D9%82-%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D8%B1%D8%A9-%D9%85%D9%88%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%A7%D9%85%D8%AC%D8%A9-%D9%84%D9%84%D8%B7%D9%84%D8%A7" title="التضامن: انطلاق مبادرة "مودة الدامجة" للطلاب ذوي الإعاقة بالجامعات"التضامن: انطلاق مبادرة "مودة الدامجة" للطلاب ذوي الإعاقة بالجامعات
وفى ظل توجُّه الدولة المصرية نحو تحقيق العدالة الاجتماعية وضمان حياة كريمة للمواطنين، تصدرت الأسر الأولى بالرعاية قائمة الأولويات الوطنية، وبرز برنامج «تكافل وكرامة» كأحد الأعمدة الأساسية فى منظومة الحماية الاجتماعية التى يقودها الرئيس عبد الفتاح السيسى، لتتحول فلسفة الدعم من مجرد تقديم مساعدات نقدية إلى استثمار حقيقى لبناء الإنسان المصرى ومنظومة متكاملة تهدف إلى تمكين الأسر الفقيرة اقتصاديًا وتحقيق العدالة وتكافؤ الفرص.
أطلقت وزارة التضامن الاجتماعى البرنامج فى عام 2014، ليكون أحد أذرع الإصلاح الاقتصادى والاجتماعى، وفق رؤية شاملة وضعتها القيادة السياسية لضمان عدالة اجتماعية وتنمية شاملة، يمزج البرنامج بين الدعم النقدى المشروط وغير المشروط، ويستهدف الأسر الفقيرة، والأيتام، وكبار السن، وذوى الإعاقة. ويشترط على الأسر المستفيدة الالتزام بتعليم الأطفال والرعاية الصحية، إلى جانب العمل على الحد من زواج القاصرات.
انطلق البرنامج عام 2014 بعدد 1.7 مليون أسرة مستفيدة وبميزانية 5 مليارات جنيه، وشهد توسعًا كبيرًا خلال السنوات العشر الماضية، ووفقًا لتوجيهات رئيس الجمهورية بالاهتمام بالفئات الأولى بالرعاية، قفز تمويل البرنامج فى الموازنة العامة للدولة إلى 35 مليار جنيه فى موازنة 2023/2024، وارتفع إلى أكثر من 40 مليار جنيه فى موازنة 2024/2025، ووصل إلى نحو 54 مليار جنيه فى العام المالى المقبل، بعد أن بلغ عدد الأسر المستفيدة نحو 4.7 مليون أسرة.
الحماية الاجتماعية
وأكدت د. مايا مرسى، وزيرة التضامن الاجتماعى، أن برنامج «تكافل وكرامة» حظى بتقييمات دولية إيجابية واعتُبر من بين أفضل برامج الحماية الاجتماعية فى الوطن العربى والشرق الأوسط، لما يُقدمه من نموذج متكامل يربط بين الحماية والتمكين، مشيرة إلى أن تطور البرنامج لم يكن فى الأرقام فقط، بل فى المنهجية أيضًا، حيث يعتمد على التنسيق بين مختلف الجهات المعنية لضمان وصول الدعم لمستحقيه الفعليين، وتشكيل لجان لمتابعة جاهزية وكفاءة الخدمات المقدمة.
وأوضحت أن الوزارة تعمل على رفع وعى الأسر المستفيدة، وتشجيعها على المشاركة فى عملية التحقق، وتبنى سياسة «التخارج من الدعم إلى الإنتاج»، وذلك من خلال دمج المستفيدين فى برامج التمكين الاقتصادى، سواء عبر نقل الأصول أو التشغيل المنتهى بالتوظيف أو غيرها من البرامج، وضمان استمرار المستفيد من تلقى جميع خدمات الحماية الاجتماعية المتكاملة ووقف الدعم النقدى فقط عقب التحقق من استقرار مشروعه أو وظيفته.
نجاحات وإنجازات
أوضح رأفت شفيق، مساعد وزيرة التضامن الاجتماعى للحماية الاجتماعية والمدير التنفيذى لبرنامج تكافل وكرامة للدعم النقدى المشروط، أن الدولة المصرية خلال العقد الماضى، نجحت فى تطبيق سياسات وبرامج متنوعة لإنشاء شبكة أمان اجتماعى لخدمة الأسر الأولى بالرعاية، تتماشى مع أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030، ويأتى فى هذا الإطار برنامج «تكافل وكرامة» الذى أطلقته وزارة التضامن الاجتماعى كأحد أبرز وأكبر وأكثر برامج الحماية الاجتماعية تطورًا فى منطقة الشرق الأوسط، ولا سيما أنه ملف يأتى على رأس أجندة اهتمام ودعم القيادة السياسية للدولة المصرية، وتديره وزيرة التضامن الاجتماعى بأعلى مستويات الريادة الإنسانية والمهنية فى مجال التنمية.
وأشار شفيق إلى أن عدد الأسر المستفيدة قد تضاعف عدة مرات من 1.7 مليون أسرة عام 2014 إلى 4.7 مليون أسرة فى عام 2025، ويشمل مستفيدى برنامج الاستحقاق الأسرى «تكافل» من الأسر التى لديها أبناء من حديثى الولادة حتى مرحلة التعليم الجامعى، ومستفيدى برنامج الاستحقاق الفردى «كرامة» الذى يخدم المسنين من 65 سنة فأكثر وذوى الإعاقة والأيتام والفتيات اللاتى بلغن 50 سنة من دون زواج، والأرامل والمطلقات اللاتى لم ينجبن، بالإضافة إلى فئات العمالة غير المنتظمة، والمتعرضين للحوادث والكوارث الفردية والجماعية.
الدعم النقدى
وأشار المدير التنفيذى لبرنامج تكافل وكرامة إلى أن مخصصات التمويل السنوية زادت فى الموازنة العامة للدولة إلى 54 مليار جنيه مقارنة ب 5 مليارات جنيه فى عام 2014، ووصل متوسط قيمة المساعدة النقدية الموجهة للأسرة الواحدة فى الشهر إلى 900 جنيه بدلًا من 450 جنيهًا فى بداية تنفيذ البرنامج، وتصل قيمة المساعدة فى بعض الأحيان إلى 3000 جنيه للأسرة الواحدة، وذلك حال تلقى الأسرة الواحدة لأكثر من صورة دعم تحت برنامج تكافل وبرنامج كرامة معاً.
وأوضح أن المساعدات النقدية تأتى ضمن حزمة أكبر من خدمات الدولة التى تضمن وزارة التضامن الاجتماعى توجيهها لخدمة ذات الأسر المستفيدة الأولى بالرعاية بالتنسيق مع جميع أجهزة الدولة المصرية المعنية، حيث تستفيد الأسر بحزمة متكاملة من الخدمات يأتى على رأسها الدعم التموينى من السلع والخبز، والإعفاء من مصروفات التعليم، ومساعدات تكافؤ الفرص التعليمية فى مرحلة التعليم الجامعى، إلى جانب خدمات التأمين الصحى الشامل وبرامج الرعاية الصحية لغير القادرين، والعلاج على نفقة الدولة، وخدمات برنامج بطاقة الخدمات المتكاملة لذوى الإعاقة، وبرامج محو الأمية، وغيرها من أنشطة التوعية وبناء القدرات.
وأشار إلى أن الاستثمار فى رأس المال البشرى يأتى على رأس الخدمات التى يتم تقديمها عبر تحفيز الأسر المستفيدة على الالتزام بمشروطية التعليم، من ناحية، لضمان التحاق 5.5 مليون طالب من أبناء أسر «تكافل» بالتعليم، والتزام 81% من الأبناء بحضور 80% من أيام الدراسة، والالتزام، من ناحية أخرى، بالمشروطية الصحية، حيث التزمت 65% من أمهات برنامج تكافل ممن لديهن أطفال حتى 6 سنوات بزيارة وحدات الرعاية الأولية التابعة لوزارة الصحة والسكان للحصول على خدمات رعاية الحمل وتنظيم الأسرة والصحة الإنجابية والتطعيمات ومتابعة نمو الأطفال وغيرها من الخدمات الوقائية والعلاجية المختلفة.
تحقيق الشفافية
وأكد مساعد وزيرة التضامن الاجتماعى أن الوزارة أولت اهتمامًا كبيرًا بملف تطوير آليات الاستهداف لضمان وصول المساعدات النقدية إلى مستحقيها، وذلك عبر منهجيات متعددة شملت الاستهداف الجغرافى بناءً على خرائط الفقر القومية، والاستهداف الأسرى للأسر تحت خط الفقر، والاستهداف النوعى الذى يُوجّه الدعم إلى النساء أمهات الأطفال داخل الأسرة.
وأوضح شفيق أن وزارة التضامن الاجتماعى حرصت على بذل أكبر قدر ممكن من المجهود الذى أتى ثماره والمتمثل فى أكبر نظام معلومات مميكن مبنى على الرقم القومى لتقديم المساعدات النقدية بأعلى معدلات الحوكمة الفنية والإجرائية، مرورًا بجميع المراحل بدءًا من التقدم للحصول على الدعم النقدى وانتهاءً بالحصول على الدعم ومتابعة وإدارة الحالة والتلقى والرد على التظلمات وإصدار قدر كبير من التحليلات والتقارير الإحصائية ذات الصلة.. وكان من أهم الإنجازات ربط قواعد بيانات السجل الاجتماعى (قاعدة بيانات برنامج تكافل وكرامة للأسر الأولى بالرعاية) بقواعد بيانات السجل القومى الموحد إلى جانب غيرها العديد من قواعد بيانات أجهزة الدولة المعنية عبر المحول الرقمى G2G لدى وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بما يضمن الشفافية، ويقلل قدر المستطاع تدخل العنصر البشرى.
وأشار شفيق إلى أن وزارة التضامن الاجتماعى حرصت على تعزيز الثقة بين الدولة والمواطنين عبر حوكمة عملية التحقق من استحقاق الدعم النقدى من خلال 308 لجان فحص ميدانى تضم نحو 1000 موظف فى 320 إدارة اجتماعية بمختلف المديريات، بالإضافة إلى مشاركة 2000 لجنة مساءلة مجتمعية على مستوى جميع قرى المجتمع المصرى تضم 25 ألف عضو، لتقديم الدعم وتحديد غير المستحقين، مضيفًا أنه تم تلقى ما يقرب من 6 ملايين شكوى، تم الرد على 99.8% منها على مدار العشر سنوات الأخيرة من خلال العديد من قنوات التلقى والرد على الشكاوى، وعلى رأسها البوابة الإلكترونية الموحدة لتلقى الشكاوى بالتنسيق مع مجلس الوزراء، والبوابة المميكنة، والخطوط الساخنة التابعة للوزارة.
دعم مستمر
وقال مساعد وزيرة التضامن الاجتماعى للحماية الاجتماعية إن الدعم النقدى محدد المدة ويُمنح لمدة ثلاث سنوات فقط، يتم بعدها إعادة تقييم الأسر المستفيدة لضمان عدم توارث الدعم، وتشجيع التخارج للأسر التى تحسنت أوضاعها المعيشية أو التحقت بسوق العمل، ما يتيح الفرصة لأسر أخرى أكثر احتياجًا، موضحًا أن إجمالى عدد الأسر التى تلقت الدعم منذ عام 2014 حتى الآن بلغ نحو 7.7 مليون أسرة، بما يعادل 30% من إجمالى تعداد أسر الجمهورية المقدرة ب 26 مليون أسرة، ومن بين هؤلاء خرج نحو 3 ملايين أسرة من البرنامج إما بسبب تحسن أوضاعهم (تخارج) أو فقدانهم لشروط الاستحقاق (إقصاء).
وأكد شفيق أن الفترة من يوليو 2024 حتى الآن شهدت دخول أكثر من 550 ألف أسرة جديدة إلى منظومة الدعم، فى مقابل خروج نحو 400 ألف أسرة، وبيّن أن التخارج يحدث وقت التأكد من تحسن الحالة الاجتماعية والاقتصادية للأسر، مثل حصول رب الأسرة على وظيفة، أو امتلاكها لمشروعات مدرة للدخل، أو تسجيل أبنائها فى مدارس خاصة، أو امتلاك أصول عقارية أو زراعية. أما الخروج من البرنامج، فيحدث لأسباب متنوعة مثل الوفاة، أو السفر إلى الخارج، أو فقدان محل الإقامة، أو زواج الفتيات، أو عدم استكمال الأوراق، أو ثبوت عدم وجود إعاقة بعد الفحص الطبى، أو حتى عدم الصرف لأكثر من ستة أشهر.
التمكين الاقتصادى
وأشار شفيق إلى أنه يأتى على رأس المكتسبات إشراك الأسر المستفيدة فى أنشطة التمكين الاقتصادى المختلفة، التى يأتى على رأسها مشروعات نقل الأصول، والتشغيل المنتهى بالتوظيف، والإقراض متناهى الصغر، مع ضمان عدم قطع المساعدات النقدية حال الاشتراك فى هذه الأنشطة واستمرار تلقى حزمة خدمات الحماية الاجتماعية المختلفة، موضحًا أن الوزارة قدمت حتى تاريخه نحو 1,183,614 نشاط اقتصادى استفاد منه 1.2 مليون مواطن، شملت 1.1 مليون قرض، و61,315 مشروع تشغيل ذاتى، و16,407 برامج تدريب مهنى حتى مارس 2025.
الضمان الاجتماعى
وتطرق شفيق إلى أكبر نقاط القوة لدى البرنامج فى الوقت الحالى، ولا سيما بإصدار قانون الضمان الاجتماعى الجديد رقم 12 لسنة 2025، مشيرًا إلى أنه نظم الدعم النقدى المشروط «تكافل» وغير المشروط «كرامة»، وحدد الفئات المستحقة، وسمح بالجمع بين الدعمين فى حالات معينة، كما وضع ضوابط حوكمة وإدارة عمليات الدعم، وأنشأ لجان التظلمات، ولجان الدعم، وحدد آليات إيقاف الدعم، موضحًا أن القانون شمل أيضًا تنظيم المساعدات الاستثنائية مثل مصاريف الجنازة، والزواج، والولادة، والعلاج فى الحالات الطارئة، والمصروفات الدراسية، والأجهزة التعويضية، وهى مساعدات تُمنح للأسر غير المشمولة بالتأمين الصحى، مشيرًا إلى أن القانون أنشأ صندوق «تكافل وكرامة»، وهو صندوق مستقل تُستثنى موارده من أيلولة نسبة منها إلى الخزانة العامة، ما يضمن استدامة الدعم ووصوله للفئات المستحقة، مؤكدًا أن القانون نص على عقوبات صارمة بحق من يحصل على الدعم دون وجه حق ويرفض رده، بما يضمن حماية المال العام، والحفاظ على استحقاق الفئات الأكثر احتياجًا.
مواضيع ذات صلة
0 تعليق