أحمد سيف حاشد
توالت الخيبات وتتابعت. كل خيبة باتت أكبر من تلك التي كنّا نعيشها من قبل. كل الأغنيات باتت غصات ذابحة تحتشد كالزجاج في حناجرنا المتعبة. حناجرنا التي كانت تنشد عهد نأمله فأدركنا الأسف الأشد بعد أن تلاشى قبل مجيئه و موعده. حال تمنيناه رغيدا ولطالما انتظرناه؛ فصعقنا هذا الذي نعيش آواره، واكتظاظ بؤسه ونحسه.. كل لعنات الأرض لا تكفيه، وقد ضقنا وضاقت بنا الدنيا بما تتسع.
استولى العمى على عيوننا الملتاعة بالشغف والعشق المشتعل. انحسر الضوء الذي كان نابضا في شرايننا حتى خمد وانطفاء. أحلامنا المترعة بالحب المندّى مضت إلى محرقة في عهد باذخ بعنصرية لا تستحي. عهد فج وفاقع تم فرضه بالحديد والنار في غفلة زمن. عهد أشدُّ علينا من الموت الذي مر يوماً على رقابنا بجنازره.
اشتد الظلم واتسع وانقرضنا بعد أن بتنا فرائس وطرائد لضباع نهمة ببطون لا تشبع ولا تمتلئ. تتناهشنا أنيابها بضراوة من كل وجه واتجاه. تمزق الوطن بين أنيابها التي تقضم العظم وتقطع الحجر.
ظفر بنا حكّام جدد منفوخون خواء ونرجسية. بات الوطن في عهدهم أشتاتا مبعثرة في وجه العاصفة.. تكاثرت المظالم وازداد الظلم حتى قال القائل "لا يأتي الزمن بأحسنه".
واقع لطالما عشناه ومازلنا نعيشه إلى اليوم، ونحتاج ألف معجزة لنجتمع في وجه التشظّي والشتات ونتحرر من وطأة الطغيان وربقة عبوديته.
ظلم ثقيل، وانتهاكات فظّة، وطغيان بلا حدود. ضيق ظل يشتد على الحقوق حتى باتت في قبضة من حديد فيها تموت وتختنق. كثير من الأحبة فقدناهم في الأمس، واليوم فقدنا كل شيء. اليوم لم يبق لدينا دموع تُذرف، ولا متسع فينا لحزن يقيم. أزف العمر ونزف وتلاشت كل الأمنيات.