الشال: احتياجات الكويت تتزايد وإيرادات النفط تنخفض

الشال: احتياجات الكويت تتزايد وإيرادات النفط تنخفض
الشال: احتياجات الكويت تتزايد وإيرادات النفط تنخفض

قال تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي، إن هناك قاعدتين فقط هما الأساس للبناء القائم في الكويت، النفط، واحتياطي الأجيال القادمة، والثاني هو أيضاً حصيلة بيع النفط في زمن رواج سوقه، وإن أرادت الكويت ضمان استدامة استقرارها في عالم بات مضطرباً، فلا بُد أن تخفّض من درجة طغيان اعتمادها على القاعدتين، وتبني قواعد مساندة لهما، ولا بأس من نظرة تحليلية على المخاطر المحتملة على كل من القاعدتين.

أولاً: النفط

طال الضعف سوق النفط منذ خريف عام 2014، ومنذ ذلك الحين حققت الموازنة العامة عجزاً متصلاً على مدى 8 سنوات، باستثناء سنة الحرب الروسية - الأوكرانية، واستمرت في تحقيق عجز سنتين بعدها.

وفقدت الكويت 40.3 بالمئة من معدل سعر برميل نفطها ما بين أعلى مستوى بلغه، وكان 130 دولارا للبرميل لعام 2022، ومستوى معدل ما مضى من العام الحالي البالغ نحو 77.8 دولارا، وفقدت نحو 14 بالمئة من حصة إنتاجها عند مستوى إنتاجها الحالي منذ أول خفض أقرته منظمة أوبك+ بتاريخ 4 أكتوبر 2022.

من جانب آخر، تكاد تجمع التنبؤات على استمرار ضعف سوق النفط في المستقبل بآثاره السلبية على كل من مستوى الأسعار والإنتاج، وسوف تكون الكويت أكثر دول النفط تأثراً بضعف سوقه، لأنها، بشكل قاطع، الأكثر اعتماداً عليه، فهو يموّل نحو 90 بالمئة من نفقات موازنتها، ومع ضعفه، لا يزال يولد بشكل مباشر نحو 44.4 بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي للأشهر التسعة الأولى من عام 2024، وأعلى بكثير إن حسبنا مساهمته غير المباشرة.

نعيش حقبة بها ضعف كبير في احترام القوانين الدولية والجغرافيا وسيادة الدول

وإصابة قاعدة النفط في المستقبل لن تطال استمرار ضعف كفاءة الإنفاق فقط، كما هو واقع الحال في سياستها المالية، بل تطال القدرة على توفير ما يكفي لتغطية ضروراته. ويزيد الشعور بضغط ذلك الوضع في المستقبل، الارتفاع كبير في مستوى النفقات العامة ونحو 91 بالمئة ضمنها إنفاق جارٍ لا يولّد دخلاً، واستمرار الارتفاع في تكلفة إنتاج البرميل التي تضاعفت نحو 6 مرات خلال ربع قرن، مما يخفض من صافي دخله، واستمرار الارتفاع في الاستهلاك المحلي من النفط، ما يقتطع من حصة الكويت القابلة للتصدير، ومن دون احتساب أثر التضخم.

ذلك يعني أن الاحتياجات تتزايد وإيرادات النفط تنخفض، وهو ما يزيد من ثقل الضغط على قاعدة البناء الأولى أو النفط، بينما هناك غياب شبه كامل لتبنّي استراتيجية جادة لمواجهة ضعفها وربما اهتزازها، فلا برنامج حكومياً يشرح معالم طريق المستقبل ومخاطره، وليست هناك رؤية أو مشروع تنموي غير تكرار الالتزام بما يتوافق مع مستهدفات رؤية كويت جديدة 2035 الغائبة.

ثانياً: احتياطي الأجيال القادمة

وفي المحور الثاني وفق «الشال» فقد قدر معهد الصناديق السيادية (SWFI) حجم احتياطي الأجيال بنحو 1.029 تريليون دولار، وقدّرت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني حجمه مؤخراً بنحو 940 ملياراً، ويمثّل القاعدة الثانية، وأياً كان الصحيح من الرقمين، يمكن اعتباره العامل الوحيد الإيجابي القادر على الخروج بالكويت من أزمتها.

وأضاف: كان من الممكن أن يكون الإنسان هو ذلك العنصر، ولكن، مع تخلّف التعليم العام بنحو 4.8 سنوات دراسية، وتواضع مواقع مؤسسات التعليم العالي في تصنيف مؤسساته في العالم، وانتشار الغش والشهادات المزوّرة والمضروبة، وتخلّف مناهجه، وتكدس مخرجاته في قطاع عام ضعيف ومتخم، وضعف العلاقة الشديد بين مخرجاته واحتياجات السوق، يحتاج إصلاح الإنسان إلى ثورة تعليمية وتنموية لا نرى بعد بوادر لها.

وشدد «الشال» على أن أهمية تلك القاعدة، أو مدخرات رواج سوق النفط في الماضي، هي في قدرتها على شراء وقت لضمان الاستقرار حتى تشرع الكويت في عمليات الإصلاح الجوهري، وذلك مشروط بثلاثة شروط، الأول، هو عدم المساس بأصله إن بشكل مباشر بالسحب منه، أو بشكل غير مباشر بالاقتراض بضمانه، والثاني، هو تبنيّه مستهدفات مغايرة لواقعه الحالي، أسوة بالصندوق السيادي النرويجي، والثالث، توفير قدرٍ كافٍ من الشفافية حوله.

وبيّن «الشال»: لأنها القاعدة الأهم مع غياب المشروع التنموي النهضوي، لا بُد أن يسند إليها دور بنّاء وصريح في خفض الضغوط الناتجة عن اهتزاز القاعدة الأولى، أو ضعف سوق النفط، ولا بُد لها من دور رئيسي في تأسيس قواعد البناء المساندة المستدامة لحمل ما يحتمه الزمن من زيادة الاحتياجات.

إصلاح الإنسان يحتاج إلى ثورة تعليمية وتنموية لا نرى لها بوادر

في الوقت نفسه، لا بُد من الوعي بأن العالم يعيش حالة هي الأعلى من غياب اليقين، أو ارتفاع المخاطر، وفي استعارة من التاريخ، يبدو أن العالم ليس بعيداً عن أوضاع ثلاثينيات القرن الفائت، ما بعد الحرب العالمية الأولى، حقبة أخّر فيها الكساد العظيم انتقال العظمة من أوروبا إلى أميركا، ولم يمنعها، ونشأ فيها الرايخ الثالث أو جمهورية هتلر النازية، وأمثاله إيطاليا واليابان أو فاشية إيطاليا وعسكر اليابان، وبدأ فيها تنامي شعبية النموذج الروسي الشيوعي.

ذلك يعني أنها حقبة تنازع للقطبية، تزداد فيها المخاطر على استثمارات الكويت حول العالم، وغالبيتها بالدولار، والولايات المتحدة مدينة بنحو 36 تريليوناً، مما يعني ازدياد صعوبة طبع المزيد منه، ومعها ازدياد التحدي لهيمنته، خصوصاً مع استخدامه سلاحاً سياسياً. ذلك التحول هبط من نصيبه كعملة احتياطية عالمية من 71 بالمئة عام 2000 إلى 57.4 بالمئة للربع الثالث من عام 2024.

وفي عام 1946، سنة إقرار الدولار الأميركي عملة الاحتياطي العالمي أو «اتفاق بريتون وودز»، كان حجم الاقتصاد الأميركي نحو 50 بالمئة من حجم الاقتصاد العالمي، ولدى أميركا 80 بالمئة من احتياطي العالم للعملات الصعبة، ويومها تم ربط سعر الدولار تماماً بالذهب للحد من المبالغة في طباعته.

وبعد فك ارتباط الدولار بالذهب في أغسطس 1971، ظل يدعم هيمنته اقتصاد كان يمثّل نحو 35.1 بالمئة من حجم الاقتصاد العالمي، بينما أصبح الآن نحو 26.5 بالمئة من حجمه كما في عام 2024، خلالها نجحت الصين في رفع نصيبها بحجم الاقتصاد العالمي من 2.7 بالمئة عام 1980 إلى 16.6 بالمئة عام 2024، والهند أو خامس أكبر اقتصادات العالم قادمة بقوة، مما يعني أن العالم يسير نحو مرحلة من تعدد أقطابه الاقتصادية.

وقال «الشال»: في حقبة يبدو فيها أن هناك ضعفاً كبيراً في احترام القوانين الدولية والجغرافيا وسيادة الدول، قد تتعرض تلك المدخرات، أو بعضها على الأقل، للتجميد أو المصادرة، احتمالاتها ضعيفة، ولكنها ليست معدومة.

والغرض من كل ما تقدم، هو أن هناك أولويات كبرى خاصة بالكويت دون غيرها، ومن ضمنها، وأهمها، قاعدتان يرتكز عليهما كل بنائها، صحيح أن المخاطر على القاعدتين لا تبدو ظاهرة للعيان الآن، ولكن اجتناب تلك المخاطر الحتمية، أو حتى خفضها، قد يستحيل ما لم يتم التحوط لها مبكراً، فالتحوط للمستقبل للإنسان قد يكون سنّة، أو للواعي قد يمتد بضع سنوات، لكنّه تحوط للمستقبل المنظور والبعيد عندما يتعلق الأمر بالدول، وللكويت تحديداً، لن تتعدى فترة السماح المدى المتوسط بسبب طبيعة قاعدتَي استقرارها غير المستدامتين.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق حقوقك مضمونة الآن.. كل ما تحتاج معرفته عن منصة شكاوى المستهلك الجديدة ومؤشر الأسعار
التالى إطلاق نار على قوّة للجيش أثناء مداهمة في هذه المنطقة!