بالفيديو| ضاحي العور.. قصة إلهام وطموح بلا حدود

** ناصر العور: ضاحي هبة ومكرمة من الله
** أم ضاحي: بحثت عن أحدث العلاجات داخل الدولة وخارجها
** نهيان العور: أشاركه الأنشطة الرياضية والاجتماعية المحببة له 
** مي المهدي: نموذج ملهم يعكس قوة الإرادة
 

تحقيق: مها عادل 
ضاحي ناصر العور، شاب إماراتي في العشرين من العمر، من أصحاب الهمم، نجح في أن يكتب مع أسرته ملحمة إنسانية حقيقية سطورها من العزيمة وحروفها من الإصرار والتحدي وإيقاعها من الترابط الأسري والتمسك بالعلم والعمل، ليتغلب في النهاية على تحدي «متلازمة داون» الذي رافقه منذ لحظة ميلاده، وبفضل هذه الملحمة الإنسانية نجح ضاحي في أن يجتاز مراحل التعليم حتى الصف الثالث عشر ويصبح على مشارف التخرج هذا العام، وأن يبدع ويحصد العديد من الجوائز في مجالات متعددة في الفنون والرسم والسباحة و الرماية وسباق السيارات وأن يملأ حياته وحياة أسرته بالفخر والسعادة والمحبة. 
قصة كفاح ضاحي بدأت منذ اللحظة الأولى في حياته عندما أصيب بمتلازمة داون، وهي لحظة أصابت والديه بالصدمة والذهول، لكنهما نجحا بسرعة في تجاوزها وقاما بأفضل ما يمكن أن يقوم به والدان في هذا الموقف، بدءاً في العمل المبكر وإجراءات العلاج عندما كان عمر ضاحي أسبوعين فقط فقد أدركا أن التعامل المبكر هو أهم مفاتيح النجاح، كما تقول أم ضاحي، وضحة المطوع، وهي تروي رحلتها مع ابنها قائلة: بدأنا منذ أن كان عمره أسبوعين العلاج الطبيعي في المنزل بشكل دوري ثم ألحقناه بمركز التدخل المبكر بالشارقة تدريجياً بدأنا معه علاجاً تأهيلياً وتعليمياً وسلوكياً في عدة مراكز مختلفة في دبي، ثم أرجع أدرّبه في البيت بشكل مكثف وأعلّم إخوته كيف يتعاملون معه، وكلما أنجز أو أتقن شيئا أشعر بالفخر والتحدي. 

وتضيف: كان لابد أن أثقف نفسي لأفهم حالة ابني فحضرت دورات في بورتسموث في بريطانيا مع البروفيسورة سو باكلي وهي رائدة في أبحاث متلازمة داون واشتريت كتباً ومواد تعليمية كثيرة في كل مرحله عمرية لأفهم ضاحي واحتياجاته وسلوكياته وطرق التعلم و التعامل الأفضل له، وحضرت المؤتمر العالمي لمتلازمة داون في كندا وجلاسجو ومؤتمرات أونلاين في جنيف ونيويورك ودورة التخاطب بالإشارة، كما حصل ضاحي على علاج نطق مكثف لعدة أشهر في فانكوفر.
تجاوز الصدمة
يقول ناصر العور والد ضاحي: أهم شيء تجاوزناه منذ اللحظة الأولى هو ما قد يفعله البعض الذين يخفون حالات الإعاقة التي تظهر في أبنائهم ولا يظهرونها خارج البيت باعتبارها عيباً أو شيئاً يخجلون منه، بل على العكس، بعد مرحلة الصدمة قررنا أنّ ضاحي هبة ومكرمة من الله، فافتخرنا به وخرجنا به للعالم كله، وتعاملنا على هذا الأساس، فالكل في البيت يحب ضاحي ويفتخر به، وفي مدرسته هو الشخصية الأشهر. 
وعن العلاقة المميزة التي تجمعهما يقول أبو ضاحي: هناك خصوصية كبيرة جداً في علاقتي به، ويحتلّ مكانة خاصة بقلبي، بكل براءته وطيبته، أتقبل منه كل شيء ومن المستحيل أن أغضب منه أو أعاقبه، هو لا يحب الفراغ، ويحب أن يتصرف كالعاديين، شخص له هواية يمارسها ويتريض، ولذلك من جانبي أحرص دائماً على أن يبقى مشغولاً بمجهود ذهني أو بدني ليستطيع من خلاله أن يحقق ذاته بالإنجاز. 
ويحدثنا شقيقه الأصغر نهيان العور عن علاقته بضاحي فيقول: 
علاقتي بضاحي تمتد إلى كل أيام عمري وعلاقتنا قوية بسبب حرص أمي التي كانت دائماً تحفزنا على ذلك وتقول لنا «في الاتحاد قوة» وأذكر أنه في طفولتي وعندما كنت تقريباً في الرابعة من العمر كنت أجده يدافع عني ويفزع لي ويقف ضد أطفال الفريج إذا ضايقوني، وإذا خرجت معه لا أشعر بالعبء أبداً، وأمام أصدقائي أفتخر به أكثر وأكثر خاصة عندما تبرز شخصيته الواثقة التي غرستها فيه أُمّنا طوال عمره وجعلت كل أصدقائي يفخرون به، ودائماً ألعب معه وأشاركه في الأنشطة المحببة له مثل الرماية، السباحة وسباق السيارات وألعاب الفيديو. 

 

 

اختلاط اجتماعي
وعن حياة ضاحي الاجتماعية تقول أم ضاحي:
اختلط ضاحي بفئات المجتمع وبسبب السفر والتحاقه بالحضانة والمدارس زادت مهاراته الاجتماعية كثيراً، واختلاطه ومساواته بأقرانه خفف الضغوطات عليه وجعله واثقاً من نفسه وأكثر هدوءاً ووعياً وزادت مناعته النفسية، وغرست فيه حب الله ورسوله وحب الأسرة والأخوّة والوطن وشيوخنا الأجلاء وحب الخير والمساعدة وحب التعلم والعمل.
ومع ذلك فهناك العديد من الصعاب عليه التعامل معها مثل صعوبة الالتحاق بنادي للتدريب، فمعظمهم يرفضون لمجرد معرفتهم أنه من أصحاب الهمم أو يضعون قيوداً بغض النظر عن قدراته ويتطلب الأمر منا الكثير من المحاولات.
قدرات تعليمية
على الجانب التعليمي تُطلعنا مي المهدي معلمة ضاحي بمدرسة «جيمس ويلينجتون» على قدرات ضاحي وأهم التدابير الداعمة لعملية الدمج وتقول:
أهم أساسيات إنجاح عملية الدمج بالمدرسة هي استمرارية التواصل مع أسرة الطالب من أصحاب الهمم. 
وعن ملامح تميز ضاحي تقول: ضاحي يتميز بمواهب وطاقة وقدرة ومثابرة، كما يتميز بتعدد هوايات فهو شغوف بالرياضة، خاصة السباحة وسباق الكارتينج، يمتلك مهارات تواصل قوية ويجيد التفاعل مع أقرانه بلطف واحترام. لديه حب التطوع والمشاركة المجتمعية، مما يعكس وعيه الاجتماعي العالي. ضاحي يتميز بالإصرار والمثابرة، حيث تحدى الصعوبات الصحية والأكاديمية وحقق نجاحات ملحوظة. لديه شخصية إيجابية واجتماعية، ويتميز بروح التعاون والقدرة على التفاعل مع الجميع.
وتحدثنا ناهد مدثر حسن السيد، المؤسس المدير التنفيذي لأكاديمية «ماي ماكسيمس» للتدريب المهني والإداري لأصحاب الهمم عن تطور مستوى ضاحي وتقول: حرصنا على صقل المهارات الحياتية للشاب ضاحي وذلك بتعزير مهارات القراءة والكتابة ومعالجة المعلومات الحسابية البسيطة والمتوسطة، كما تم وضع خطة طويلة المدى للتطوير المستمر، وذلك عبر برامج الأكاديمية المعتمدة من التعليم المستمر بالمملكة المتحدة.
أهم إنجازات ضاحي
حصل على جائزة الطالب المثابر لعام 2022-2023، وأعلى نقاط للطالب المجتهد لعام 2023-2024، أكمل شهادات في الرياضيات والعلوم الوظيفية، حصل على الشهادة البرونزية في برنامج «ازدان» التعليمي. 
شارك في المؤتمر العالمي لمتلازمة داون في دبي عام 2021، ممثلاً لطلاب أصحاب الهمم.