السعدون لـ الجريدة.: زمن الهيمنة الأميركية سينتهي تدريجياً

الجريدة الكويتية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

في حوار اتسم بالشفافية وتشخيص مواضع خلل الاقتصاد العالمي والمحلي، فنّد الخبير الاقتصادي جاسم السعدون جملة من التحولات العالمية الأخيرة، وفي مقدمتها الرسوم الجمركية، التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والمخاوف المتصاعدة من حرب تجارية عالمية، شارحاً التداعيات والتطورات الخاصة بهذه المستجدات إلى جانب كيفية تحوّط الكويت من تلك الرسوم وما الدور المطلوب منها لاتخاذ سياسات حمائية.

وأشار إلى أن التحول إلى آسيا سيتسارع بسبب الرسوم الجمركية، فالقطبية ستكون أغلبها في آسيا مقابل الغرب مجتمعاً، لأنه حتى الغرب لا يملك التحالف الآن، لاسيما أن ترامب هاجم كل أصدقائه، بما فيهم الاتحاد الأوروبي.

وقال السعدون، إن عناصر القوة لدينا تتمثل في استثماراتنا الخارجية، وكيفية توظيفها لشراء خمس سنوات حتى نعيد صياغة البناء الاقتصادي من الداخل، كما حدث مع صندوق النرويج كمثال.

وأوضح أننا مقبلون على نظام عالمي مختلف، موضحاً أن زمن الهيمنة الأميركية سينتهي تدريجياً، مبيناً أن حقبة الولايات المتحدة، حتى وإن استمرت، قد تدفعنا إلى كارثة، إلى أن تتحقق المعارضة بشكل بطيء ويتوقف هذا الأمر.

وأشار إلى «تخلّفنا في التعليم، بنحو أربع سنوات عن التعليم التقليدي العادي، في حين تخلفناً عقوداً عن التعليم المتطور وهذه أولوية تستحق أن تُصرف جهود عليها، لكن الأولويات غائبة، فلا يوجد هناك تنوع لمصادر الدخل، وليس هناك تعليم وغيرها من القضايا».

وذكر السعدون أنه يقدر للحكومة وقف بيع الإجازات وأنها وضعت سقفاً للإنفاق العام، ولو أنها تصرف من أماكن أخرى، وليس هذا المطلوب، بل مطلوب استدارة جوهرية، في وقت تكمن مشكلتنا في الإدارة، أن يتم الإصلاح من الأسفل، ومن جانب آخر أرى أن الجميع على استعداد لقبول الإصلاح، إذا رأوا وجود قدوة في الأعلى ونموذجاً، بالتالي إصلاحنا أسهل من أي بلد آخر في العالم، وإليكم اللقاء:

• عقب القرارات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس ترامب وفرضه رسوماً جمركية على مختلف دول العالم، ما كيفية فهم هذه الرسوم وتداعياتها المباشرة وغير المباشرة؟

- أعتقد أن أمرين رئيسيين دفعا ترامب لاتخاذ هذه الخطوات. الأول إدراكه أن الولايات المتحدة دخلت في مأزق اقتصادي وهو فخ الديون ويتمثل في حجم الدين المتراكم. فلو تتبعنا مسار الدين الأميركي، لوجدناه قريباً من الصفر عند خروج الولايات المتحدة من قاعدة الذهب في أغسطس 1971. وظل قريباً من الصفر حتى عام 2008، حيث بلغ 10 تريليونات دولار. وفي بداية عام 2020، وصل إلى 23 ملياراً، أما اليوم فقد زاد بنسبة 60% ليبلغ 36.2 تريليون دولار، وقد أجاز الكونغرس رفع سقفه إلى أكثر من 41 تريليون دولار.

وهذا يعني أن الدين سيتجه نحو 130% إلى 140% من حجم الناتج المحلي الإجمالي، مما يضع الولايات المتحدة في فخ الدين. كانت الولايات المتحدة تعالج هذه المشكلة قديماً بطباعة الدولار وإقراضه، حيث لم يكن مرتبطاً بسعر صرف ثابت مع الذهب. أما اليوم، فهي تواجه مشكلة أخرى تتمثل في ارتفاع أسعار الفائدة، إذ لا يستطيع الاحتياطي الفدرالي الأميركي خفضها خوفاً من تضخم قادم، خصوصاً بعد فرض الرسوم الجمركية. لذلك، يشعر ترامب أنه وقع في مصيدة، وهو بالفعل كذلك، ويريد استخدام عنصر القوة، حيث لا تزال الولايات المتحدة أقوى دولة في العالم، ولا أعلم إلى متى سيستمر ذلك. لذا، يحاول من خلال التهديد والتعسف والإجراءات المتخذة معالجة هذا الوضع خلال فترة قصيرة، لأنه يولي اهتماماً أكبر لمصالحه الشخصية أكثر من اهتمامه بمصلحة البلاد على المدى الطويل. لذلك، يريد وصرح انه جمع ما يقارب المليار دولار، وهو أمر غير صحيح.

القضية الثانية التي تحركه، هي أنه جرت العادة في العالم أنه عندما تنشأ قوة عظمى بجانب قوة عظمى أخرى، فإن القوة الثانية تسقط إما بحرب ساخنة أو باردة. وقد توقفت الحروب الساخنة منذ عام 1945 بسبب أسلحة الدمار الشامل، لتصبح حروب وكالة. وقد أنفقت الولايات المتحدة حوالي 14 تريليون دولار على 13 حرباً خاضتها. والآن، هناك شعور بأفول قوة عظمى بطريقة سلمية. ولو أخذنا الأرقام، فسيتضح لنا لماذا هذا الحديث صحيح.

فقد بدأ الاقتصاد الصيني بحجم يعادل 2.7% من حجم الاقتصاد العالمي في عام 1980. أما اليوم، فيمثل 16.6% من حجم الاقتصاد العالمي. أما أميركا وفي عام 1945 وعلى أعقاب اتفاقية بريتون وودز، كان الاقتصاد الأميركي يمثل 50% من الاقتصاد العالمي، وعندما خرجت من قاعدة الذهب كان يمثل 35%، أما اليوم فهو أقل من 26.6%. وبالتالي، إذا أخذنا هذا التقارب النسبي، فسندرك أنها مسألة وقت، لأن الصين تنمو بضعف معدل النمو الأميركي، بالتالي هي مسألة وقت تتراوح ما بين 10 إلى 12 سنة حتى تتقدم الصين إلى المقدمة.

وأشير إلى أن أفول هذه القوة العظمى، من المفترض أن تعوض وتريد أن تختصر الطريق لتعويضه باستخدام عنصر القوة المتبقي لديها، بالطبع بالضغط والتهديد، وربما حتى باستخدام السلاح أو المصادرة والتجميد. لذلك، هم يتحركون، ولديه داخل أميركا من يريد تحريك هذا الشعور الوطني، كما فعل هتلر عندما فاز بالانتخابات عام 1932 وكانت ألمانيا مسحوقة وتعاني من معدلات تضخم مرتفعة، وقام بتحريك هذا الشعور الوطني لدى الألمان وقال «ألمانيا أولاً»، وقاد ألمانيا إلى حرب وتحطمت مرة أخرى. أما الآن، شعار «أميركا أولاً» لن ينتهي بحرب، لكن إلى ماذا سينتهي؟ حتماً سينتهي إلى أمر مختلف تماماً عما نعيشه الآن.

وأوضح عناصر الاختلاف يشير السيناريو إلى خلاف حول حجم الضرر، لكن الضرر حتمي. لماذا؟ لأن هناك مجموعة من أعمدة الاستقرار في العالم. أولاً، أميركا هي العاصمة السياسية للعالم بوجود الأمم المتحدة، وبالتالي يفترض أن تكون هي الرزينة والمرجع الأخير في حال حدوث أي شيء في العالم. أما الآن، فإن أميركا هي صاحبة الهجوم، وأنا لا أعترض إذا كانت التعرفة عقوبة مثلاً على الصين، بدعوى أنها تتلاعب بسعر اليوان وتتبع منافسة غير شريفة، لكنها شاملة، شملت ليس فقط الأعداء، بل الحلفاء والجيران جميعهم، وبالتالي هي حرب شاملة لم يشنها أحد من قبل، وهذا أسقط شعور أن أميركا هي المرجع السياسي في العالم. وأسقط أيضاً فكرة أن أميركا لا تتحدث خارج نطاق القانون الدولي. لماذا لا نضم كندا؟ لماذا لا نضم غرينلاند؟ لماذا لا نستولي على قناة بنما؟ هذا ليس فقط يعطي أميركا تعدياً، بل يشجع الجميع في العالم على أنه لم تعد هناك سيادة محترمة ولا قانون دولي محترم، فأصبح عمود الخيمة السياسي الذي يسند هذه الخيمة المرجعية هو مصدر الأذى.

أما العمود الآخر، وهو فائق الأهمية، العمود المالي، فأميركا مقر صندوق النقد والبنك الدوليين، حيث تسلّمت قصب السبق في هذا الجانب في عام 1946، الآن، أميركا التي يفترض أن تكون حريصة على بقاء الدولار عملة احتياطي عالمي، لن يبقى كذلك ما لم تكن هناك ثقة بأن صاحبة عملة الدولار مستقرة ومراعية لكمية ما تصدره من هذه العملة.

فالمشكلة أن ديونها ارتفعت بهذه السرعة، وهو ما يعني أنها أسرفت في طبع الدولار، وهذا يهدد دور البنك الدولي كمرجع للتنمية، ودور صندوق النقد الدولي كمرجع مالي نقدي، ويهدد بالطبع استمرار عملة الدولار كعملة احتياطي عالمي، رغم أنها هبطت الآن إلى 57.4%، لكن هذا يهدد هذا الاستمرار وربما يسرع في استغناء الدول عنه لأن الأفراد لا يعلمون أنه يمكن في يوم من الأيام أن تصادر استثماراتهم. فالعمود الثاني المالي أصبح به شقوق رئيسية، وأصبح آيلاً للسقوط.

أما العمود التجاري، فالمرجع هو أكبر اقتصاد في العالم بنسبة 26.6% من الاقتصاد العالمي. والحديث عن تضرره من الميزان التجاري غير صحيح، لأن هناك أموراً أخرى هو مستفيد منها وهو الأعلى نمواً ضمن الدول المتقدمة منذ فترة طويلة. لكن لا أحد يثق في مرجعية منظمة التجارة العالمية، لأن كل قوانينها وقواعدها أسقطت، فهي تحافظ على عدالة التبادل التجاري وسهولته. الآن المرجع الأكبر في العالم خان هذا العمود، فعواميد الخيمة الثلاثة تحتاج إلى تبديل، مما يعني أنه يجب أن تبدل كل الخيمة.

ولذلك نحن مقبلون على نظام عالمي مختلف. ولو أخذنا معدلات النمو في العالم، فسنجد مثلاً أن الصين تزحف إلى المركز الثالث، إذ أخذت المركز الخامس من بريطانيا، لكن يفصلها الآن عن اليابان 150 مليوناً وعن ألمانيا 900 مليون، وستأتي في المركز الثالث. فإذا أخذت الصين بعد فترة مركزاً يعود بالاقتصاد مرة ثانية إلى مركز الثقل في آسيا، وهو ما يشير إلى وجود صراع أقطاب وتعددية قطبية. لذلك نحن مقبلون على نظام مختلف عن النظام الذي اعتدنا عليه، مما يصعب عملية التحليل. وما هي المتغيرات؟ وما هي المؤشرات؟ فنحن مقبلون على نظام مختلف تماماً، فالعالم حتماً مقبل على تغيير جوهري عن العالم الذي نعرفه مثل ما حدث بعد الحرب العالمية الثانية.

• ما حدث في الرسوم الجمركية لم يكن مجرد هزة كالاثنين الأسود، او حتى أزمة كورونا، فهل من الممكن أن يؤدي إلى أزمة نظامية يقربنا من الأزمة المالية العالمية والكساد الكبير والأحداث الجسيمة في الاقتصاد الدولي؟

- أجيب بـ «نعم ولا»، فلا لاعتقادي بأنه مهما حدث فإن أميركا بلد ضخم وبه آراء متعددة، وهناك أشخاص بدأوا بالتحرك الآن في مظاهرات المدن والولايات الأميركية، وأنا أتصور أنها المرحلة الأولى من أربع مراحل حتى يتوقف هذا الأمر نهائياً. فالمرحلة الثانية، أعتقد أنها ستكون محاولة قلق من الحزب الجمهوري الذي يؤمن بالنظرية الكلاسيكية التي لا تؤمن ببناء الحمائيات أو الجدار، وإنه يؤثر على انتخابات نوفمبر 2026، وقد يخسروا الجانبين من مجلس الشيوخ ومجلس النواب، لذلك قد يبدأ أول التململ من ضمن بعض المظاهرات الشعبية، ويتطور إلى واقع الحزب الجمهوري. وأعتقد أن المرحلة الثالثة، إذا بدأت تكبر معارضة من ضمن الحزب الجمهوري، فسيبدأ القفز من القارب في الإدارة، وقد حدث ذلك مع بولتون وبنس في الإدارة الأولى، فيبدأ القفز من داخل القارب الذي هو حكومة ترامب.

ثم يبدأ الناس في المرحلة الرابعة بتشجيع البقية، لأن آخر تصريحات الصين تقول إنها تمضي بالحرب إلى آخرها، أما أحد المحللين الأميركيين فيقول إنه أفضل حدث للصين، ورأى فيه أن «أميركا بدأت تسجيل أهداف في نفسها»، فأعتقد أن الصين مستفيدة حتى لو هبطوا جميعاً، وسيكون وضعها أفضل من الوضع في الولايات المتحدة. لذلك، حقبة الولايات المتحدة، حتى وإن استمرت، قد تدفعنا إلى كارثة إن استمرت، إلى أن تتحقق المعارضة بشكل بطيء ويتوقف.

لكنني أعتقد أنه مهما كان السيناريو الذي أفضله، بدأت مؤشراته، وبدأ وزير الخزانة الأميركي يقول إننا سنبدأ التفاوض مع الآخرين، مما ساهم في ارتفاع مؤشرات الأسهم مباشرة، وأعتقد أنهم بدأوا يشعرون بالظلم. وهو أقرب إلى لاعب بوكر يريد أن يرفع من موقفه التفاوضي إلى أقصى الحدود، لعل وعسى، إذا بدأ التفاوض، يأخذ أقصى الممكن من الجميع.

أنا أعتقد أن هذا هدفه النهائي، لأنه لا يمكن أن يذهب إلى المرحلة التي تودي بالاقتصاد الأميركي، لأنه من ضمن الاحتمالات أن أي ارتفاع للرسوم الجمركية بالدرجة الأولى سينعكس على معدلات التضخم الداخلية، وإذا انعكس على معدلات التضخم فسيرفعون من معادلات الفائدة، وسيزيد عبء سداد الديون على المالية العامة، وربما يؤدي إلى خفض الضرائب مما يؤدي إلى زيادة الاقتراض مرة ثانية، بالتالي هذه دوامة إن دخل فيها سيتحول إلى إحدى دول أمريكا اللاتينية. وأنا أعتقد أنه سيتوقف في يوم من الأيام.

إلى أي مدى سيكبر الضرر مع عدد الأيام والأشهر القادمة؟ لذلك أعتقد أن الجرس بدأ، لكن متى سيصل إلى أقصاه؟ فهذا ما يقلقني، فشخصيته مختلفة، ولاحظ في دورته الأولى وفي محاكماته لا يمكن أن يتراجع، لذا تجده في يوم من الأيام دعا إلى دخول الكونغرس ومنع تثبيت نتائج الانتخابات، فأعتقد أنه مستعد أن يذهب إلى أبعد الممكن حتى يشعر حقيقة بالضرر، لذلك هذا هو الخوف، فتركيبته الشخصية قد تقود إلى أكبر قدر من الضرر، لكن لا أعتقد أننا سنصل إلى أقصى الضرر، بمعنى أن يتحول العالم لشبيه بما حدث في عام 1929 على الأقل إلى عامي 1934 و1935.

والخلاصة الحقيقية هي أن زمن الهيمنة الأميركية سينتهي تدريجياً، وقد يأخذ عقداً أو عقدين، لكن أعتقد أن العالم سيكون بأقطاب مختلفة، وتعرف أنه في عام 1800 كانت الصين والهند تمثلان 45% من الحجم الاقتصادي العالمي.

التحول إلى آسيا سيتسارع بسبب هذه الرسوم الجمركية، فالقطبية ستكون أغلبها في آسيا مقابل الغرب مجتمعاً، لأن حتى الغرب لا يملك التحالف الآن، لأنه هاجم كل أصدقائه بما فيهم الاتحاد الأوروبي.

وحديث الاتحاد الأوروبي وقوله أنا متضرر من الرسوم الجمركية... العجز، هو صحيح، هو جزئياً ربما متضرر، لكن ذلك نتيجة عدم كفاءة وغلاء إنتاج السلع والخدمات، الآن هو مستفيد من ميزان خدمات لمصلحته جداً إلى جانب استفادته من تدفقات رأس المال ومن الاستثمار غير المباشر في أسواقه، ومستفيد من 24% من ديونه مموله من الخارج، عبر أجانب، بمعنى إنه العجز الذي حققه أصبح فائضاً عن هذه الدول، وتقوم بتمويل الحكومة الأميركية بشراء السندات، فـ 8.5 تريليونات من حجم السندات الأميركية مملوكة لقطاع عام وخاص أجنبي، وهم من يقوموا بتمويله لذلك الفائض لا يذهب بعيداً ويعود مرة اخرى للاستثمار في أميركا.

• من المؤكد أن لهذه التطورات تداعيات على جميع دول العالم. فما الخيارات المتاحة أمامنا في منطقة الخليج والكويت للتعامل مع هذه التداعيات؟ على سبيل المثال، هل يمكن لمجلس التعاون الخليجي أن يتحول من مؤسسة أمنية وسياسية إلى تجمع اقتصادي على غرار رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) أو الاتحاد الأوروبي؟ أو هل يمكننا إعادة صياغة تحالفاتنا والتوجه أكثر نحو آسيا؟ إضافة إلى ذلك، هل يجب علينا إعادة تقييم مصروفاتنا ورؤانا، وتقليل الاعتماد على النفط، وجذب الاستثمارات وتحويل هذه الأزمة إلى فرصة بدلاً من أن تكون عبئاً علينا؟ ما هي تصوراتكم للتداعيات المحتملة على معظم دول العالم، وخاصة منطقة الخليج؟

- نحن لا نستطيع أن نأخذ موقفاً شجاعاً الآن لسببين، السبب الأول إنه هذه المنطقة كلها محمية أميركية، فيها قواعد أميركية ومحمية أميركية. السبب الثاني والأهم أن استثماراتنا معظمها بالدولار، وبالتالي أي استفزاز للأميركيين قد يؤدي إلى تجميد والعذر موجود، ونحن أضعف الحلقات، اما الحديث عن مجلس التعاون، كما لو كان وحدة، أنا «ما أبلعها»، أنا أعتقد ان مجلس التعاون أصبح عمره يتجاوز الـ 45 سنة، لم يحقق اتحاداً جمركياً أو سوقاً مشتركة وغيره إلى آخره، إلى جانب شعور الخوف، من بعضهم بعضاً.

وحتى مواقفهم السياسية متباينة جداً، لذلك أنا آمل أن يصبحوا أفضل، وآمل أن نحاول أن نشكل كتلة واحدة، لكن الأمل لدي منذ عام 1980 لم يتحقق ولا أريد أن أراهن أنه مجرد الدعوة العاطفية ستحل هذه المشكلة، أنا أعتقد المتغيرات التي نحن نعيد فيها يفترض أن نتعامل معها كالاعتماد على النفط. كمصدر خاصة في الكويت، لكن بقية دول الخليج هناك اعتماد عالٍ عليه، ومن المفترض أن نجد طريقة من الآن محاولة أن نخفضه ونستخدم إيراداته في تنويع مصادر الدخل.

عنصر القوة لدينا هو استثماراتنا الخارجية، كيف نوظفها لشراء خمس سنوات حتى نعيد صياغة البناء الاقتصادي من الداخل، نوظفها كما ما يحدث مع صندوق النرويجي كمثال؟ والآن استثماراتنا من المؤكد أنك قرأت توليفة لاحتياطي الأجيال القادمة؟ ليس له أية هوية، له هوية بسيطة، مبسطة جداً وهي تقوم على نأخذ أكبر قدر نأخذ قليلاً من المخاطر، لكن نأخذ أكثر قدر من الإيرادات على أمل أن نبني «عضل» يحمينا إلى فترة من الزمن حتى يتم التخلص التدريجي منه. وهذا لا يحدث في الاستثمارات خارجية، ولا يحدث أنه لدينا رؤية داخلية ونوظف استثماراتنا الأجنبية بما يخدم هذه الرؤية، فمثلا إذا كنا نطور بالتعليم والذكاء الاصطناعي، يفترض أن يكون بالتعاون مع شركات نملكها أونملك فيها بهذا الاتجاه أو بتروكيماويات، فنوظف هذا الذراع والذي يعد أفضل ما بقى لدينا، بما يخدم هويتنا التنموية، لكن السؤال أين هي هويتها التنموية؟ لا توجد.

وتشعر بالحزن إنه لديك هدف معلن، أن القطاع الخاص يتولى دوراً أساسياً للتنمية، وحتى يأخذ هذا الدور، يفترض أن تقوم الحكومة بوضع البنية التحتية بما فيها الأفكار وكيفية التعاون مع القطاع العام وتمنحه تدريجياً كما حدث في تجربة كوريا الجنوبية، والتي عندما بدأت واعطته تدريجياً إلى أن ينمو ويكبر ويدفع ضرائب لاحقا.

أما ما نراه العكس، وكلما تسنح فرصة يخطفها القطاع العام، والذي شكل 60% من حجم الناتج المحلي الإجمالي ويصل إلى 70%، إذا ارتفعت أسعار النفط، وهو أغلى قطاع عام في العالم وأقل قطاع عام إنتاجية.

وفي مثال يعد مضحكاً أن القطاع العام يشتكي من فساد الجمعيات التعاونية، وهي أموال خاصة؟ فما هو الحل؟ الحل إن تأتي بأربعة معينين يديرون الجمعيات، كيف يحدث ذلك وانت لم تستطيعون إدارة عملية سحب تجاري، فكيف تدير جمعيات تعاونية، والتي تعد أصلاً أموال قطاع خاص.

فالقطاع العام، هذا مستواه. ان جمعيات تعاونية بالفساد مشهورة ويفترض أن يعاقبوا ويراقبوا، لكن الفساد طال كل وزارات السيادة وموجود في كل مكان، فلا تطلق وعد وشعار تنويع مصادر الدخل ويتطلب توظيفاً للقطاع الخاص ليكون بالتعاون معه، وهو القيادة، ثم بهذا المثال الصغير أثبت أن الشعار ليس له معنى. فلا حماية من الفساد، ولا تطوير، لأن ليس لديه عقلية تطوير للقطاع العام.

ولدينا قضايا حقيقية، كسوق العمل، فهي أكبر أزمة قادمة، الى جانب 32 ألف عاطل عن العمل، الآن أنت توظف 79%، لكن إذا ضغطت القطاع العام 86% إنك 25 ألفاً إلى 30 ألفاً قادمين كل فترة، ومن المفترض تكون أولى الاولويات.

ثانياً فيما يتعلق بالتعليم، فنحن متخلفون أربع سنوات عن التعليم التقليدي العادي، أما التعليم المتطور فنحن متخلفون عقوداً، وهذه أولوية تستحق أن تصرف جهوداً عليها، لكن الأولويات غائبة، فلا يوجد هناك تنوع لمصادر الدخل، وليس هناك تعليم وغيرها من القضايا.

السعدون: لدينا مشكلة إدارة ونجد عمل دكاكين أكثر منه حقيقياً

قال رئيس قسم الاقتصاد في جريدة «الجريدة» محمد البغلي، إننا نرى في الفترة الأخيرة خلال آخر سنتين أو ثلاث، الكويت تعظم مخاطرها المحيطة، فهي ليست بحاجة إلى عدو؟ نحن أعداء أنفسنا، بمعنى نجدنا اليوم نلجأ للدين العام دون خطة، ونتعامل مع حكومة دون برنامج عمل منذ 11 شهراً، ونتعامل مع المشاريع الكبرى التي من المفترض أن تكون مشاريع تنموية، وإن كانت تختلف عن مشاريع البنية التحتية، بنوع كبير من البيروقراطية، وإلى الآن مشاريع ميناء مبارك، الطاقة الشمسية، والمطار، والقطار ونرى عقوداً في المرحلة الأولى الاستشارية، ولا كأنه مر علينا 20 عاماً، ونحن نتحدث عن ذات المشاريع مما يدل على وجود مشكلة اليوم، واننا في حالة عدم يقين بالعالم، ونتعامل معها إن كل الدول تدافع عن نفسها وتقلل من مخاطرها، ونحن عكس ذلك بأن نذهب أكثر للمخاطر، ونقترض أكثر، ولنمول العجز المالي، في حين لا ننوع مصادر الإيرادات، كما قرأت تصريح لوزارة المالية يشير إلى أن هناك خلطاً كبيراً في المشاريع، لاسيما من يعتقد أنها مشاريع تنموية، في حين أنها مشاريع بنية تحتية، فلذلك هم غير قادرين على فهم الفرق ما بين الاثنين مما يدل أنه لدينا مشكلة فهم أكثر مما هي مشكلة أخرى؟

- عقّب السعدون مؤيداً أن تلك المشكلة هي مشكلة إدارة قائلاً: أنا ليس لدي خصومة مع أحد، وأحترم كل أعضاء مجلس الوزراء، والأصل في أي مجلس إدارة أن تكون لديه رؤية هي ما يشكل الفريق، أما نحن فإننا نشكل فريقاً، ثم كل عضو يضع رؤيته في وزارته، وليست هناك رؤية مشتركة، أو هدف مشترك، لذلك تجد أن كل منهم مجتهد وذكي ونظيف، لكن في النهاية لا يعرف ما هو دوره في الحكومة، لأن لا توجد حكومة أتت من أجل تحقيق شيء، وهم يجتمعون جميعاً بكل عملهم، المشترك بأن يحصلوا إلى تحقيق هذا الهدف. لذلك تجد عمل دكاكين أكثر منه عملاً حقيقياً، وهذا غير صحيح، فأعتقد أنه البلد تؤول إلى أن تضيع، لأنه حتى الآن لا نتخيل أن الإدارة ما لها علاقة بالحكم، الإدارة تأتي بأفضل العقول بفريق مشترك.

وأنا لا يهمني لو كانوا جميعهم «بدو أو كانوا شيعة، أو سنة، أو جميعهم شيوخ»، فليس لدي مشكلة معهم لكن يمثلون فريقاً، هو أفضل من يقود البلد في أي اتجاه، وفي اتجاه رؤية واضحة محددة، لأننا البلد الوحيد في العالم الذي فيه الإدارة ليست فقط سياسية، كما اننا البلد الوحيد في العالم الذي لديه 60% قطاع عام وهذا كذب، لانه لو أخذت الأثر غير المباشر للقطاع العام تجد أنه يصل الى 80 - 90% إذا فهي إدارة سياسية، وإدارة اقتصادية، وإدارة سوق عمل، وإدارة كل شيء.

وإذا لم تأتِ بحكومة تعي أن هذا الامر غير مستدام، وإنه سيؤدي بالبلد، إلى مخاطر أكبر حتى من المخاطر الخارجية، فلن نصل إلى حل، ونعتقد أن الإدارة، ممثلة بمجلس الوزراء هو حكم. «لا»، فهو عليه أن يضع مشروعاً. ويُحكم عليه بكفاءة تنفيذه لهذا المشروع، أو عدم كفاءته، ونشكره إذا أنجز ونشكره إذا لم ينجز، وإذا فشل وتحرك، لا يعني إطلاقاً خلافاً على الحكم، مما يعني خلافاً على الإدارة.

ونحن نريد أن نكافئ الشخص بالمنصب لا أن هذا الشخص يكون خادماً لهذا المنصب بما يحقق أفضل نتائج للبلد، وهو مفهوم خاطئ، ومقلوب.

عنصرية أم إدارة اقتصاد

البغلي: هذا الأمر نتحدث فيه منذ سنوات، لكن في الفترة الأخيرة ومع سياسات ترامب والتي تعد أوسع من الحرب التجارية، لاسيما أن ترامب يعبرعن اليمين في العالم، يمين العنصرية والتطرف، وهناك نظراء له في أوروبا، في هولندا، إيطاليا، ألمانيا وفي تلك الدول فازوا أو على وشك الفوز مثل فرنسا، هذا اليمين ذو النزعة اليمينية بالعالم مثيرة للمخاوف من الحروب ومن الميل للتسلح، من دعم الديكتاتوريات، من السياسات الحمائية.

وفي الكويت أيضاً لدينا توجهات عنصرية تنعكس على سياسات الإدارة العامة فما هي مخاطرها، «فاليوم ما هي أولوياتنا في الكويت؟ عنصرية ولا نبي ندير اقتصاداً؟».

- السعدون: سبق أن ذكرت تلك النقاط في مقالة في «الجريدة»، أنا أعتقد إننا نقدم البلد هدية لكل من يريد فيها شر، فاليوم، قوة أي بلد حقيقية صغيرة، محاطة بثلاث قوى إقليمية، العالم كله ينظر لها بأنه لديها أموال ونفط، تكمن قوتها الحقيقية في تماسك جبهتها الداخلية، الآن الجبهة الداخلية والمواطنة لا تقاسان بالأقدمية، فالمواطنة تقاس بالكفاءة، ونجد أن أكثر من نصف العلماء في أميركا هم مهاجرون حديثاً، وكندا كذلك، فالمواطنة قيمة، والقيمة تقاس بما يمكن أن تقدمه لبلدك وليس برغبتك في الحصول على نصيب من البلد فقط لأنك أنت أقدم من الآخرين، وهذا التفكير إن البلد في النهاية من نصيب من هو أقدم فيها، هذا تفكير مضاد لمفهوم الدولة، لأنه يصور دولة هي اقتسام وليست بناءً.

فالدولة قيمتها الحقيقية، العنصر الحقيقي بالبشر، والبشر مقاييس الحكم عليهم ليس بقضايا «حضر وبدو وشيعة وسنة، بل ماذا يمكن أن يخدم هذا الإنسان البلد بشكل أكبر»، هذا الإنسان إذا استطاع بقيمه، بقدراته، أن يؤدي الأفضل للبلد، هذا يفترض أن تقدره وتقدسه، فالعالم المتقدم يتسابق إلى جلب أفضل عقول لكي تخدم البلد، ليس حباً في هذا الشخص بل كي يخدم البلد، أما أن أقول إنه هذا الشخص أخذها أعمالاً جليلة أو لأنه فنان اذا لا يستحق، «هذه الناس تضحي فيهم، هم الذين صنعوا من الكويت، الكويت»، «القوة الناعمة، جعلت الأفراد يتكلمون اللهجة الكويتية قديماً عندما كانوا مبدعين، وفي كل مكان».

هذا ينطبق على كل الباقي، لكن في العلوم لماذا تخلفنا؟ لاننا ببساطة عندما أصبح سهلاً جداً ربط الشهادة بالمزايا، فبدأنا نقبل أية شهادة لمجرد إنها تفيد الشخص والأخطر، من ذلك عندما قبلنا معلمين وأساتذة يعلمون أبناءها.. جيلاً... وهم شهاداتهم مضروبة أو مزورة، وأخطر أمر يصيب أي بلد عندما يختل التعليم فيها، وليس مستوى القيم، وأصبحنا نرى طابوراً طويلاً لأخذ عطلة مدتها يومان، الكل يعلم إنهم يكذبون لاسيما منهم الموظفون، وهذه القيم يفترض أن تحارب، وأن تثير غضباً شديداً لدى المسؤولين، لكن نجد أن الأمر عادي.

وأستذكر وزير الإعلام الأسبق محمد السنعوسي «أبو طارق» رحمة الله عليه عندما قال في التلفزيون، إنه رفضنا ناس لأنه شهادتهم ضعيفة وأتى اتصال من رئيس الوزراء، اقبلوهم، هذولا عيالنا، إذاً ما كم الضرر على البلد؟، عندما تعين أساتذة في جامعة أو في «التطبيقي» شهاداتهم مضروبة، وانعكاسها على بقيتها، حتى شعوره بأنه لم يأخذ شهادة حقيقية يجعله لا يشعر بالخجل إنه البقية لا يأخذ شهادة حقيقية ويعطي أي درجات فقضية صناعة الإنسان أولوية قصوى.

الآن، نحتاج إلى زمن طويل حتى نعدلها، لكن يفترض أن نبدأ بالشعور فيها، إنه القضية، الإنسان هو المهم وليس انتماؤه اجتماعياً أو طائفياً، فالإنسان هو القيمة، وما لم نؤمن بأن الإنسان هو القيمة ونعامله على هذا الأساس. ولا يوجد مجال لبناء رأس المال بشري اللي هو المسؤول عن كل شيء.

وأضرب على ذلك في سنغافورة والتي بدأت من العدم، والتي كانت مجاريها في الشارع منذ العام 1961 وليس لديها أي معادن، ومساحتها تعادل 4.2 في المئة من مساحة الكويت وسكانها 5.9 ملايين، أما قيمة ناتجها المحلي إلإجمالي ثلاثة أضعاف الناتج المحلي في الكويت وهي ليس لديها موارد. وهي أصغر من جزيرة بوبيان.

وإجابة عن ذلك نجد أن معظم سكان المواطنين طبعاً، فقط الاستثمار كان بالإنسان. تعليما وقيماً، لذلك تجدها الأنظف، والأفضل، وتجد إنتاجية الإنسان من أعلى الإنتاج، هو من صنع هذا البلد دون وجود موارد، هو من صنع هذا البلد المتقدم الذي يفوق بلد احتياطياته النفطية 100 مليار ولديه 940 ملياراً احتياطياً أجنبياً، يجب أن يكون كل إنسان بمستوى يستطيع أن يتعامل مع هذه الموارد حتى نتفوق ونتقدم، لكن عندما تقول لي إن الإنسان أفضليته بأقدميته فأنت ألغيت أهم مكونات البناء الخمسة والتي أهم جزء فيها الإنسان وليس رأس المال ولا الموارد.

فما لم يكن التركيز مرة اخرى على البشر بقيمهم وقدراتهم وتعليمهم. فسنكون أعداء أنفسنا إلى الأبد.

السعدون: علينا أن نوصل هذه الرسالة بغض النظر عن التكاليف

الخبير الاقتصادي جاسم السعدون ورئيس قسم الاقتصاد بجريدة «الجريدة» محمد البغلي الخبير الاقتصادي جاسم السعدون ورئيس قسم الاقتصاد بجريدة «الجريدة» محمد البغلي

• البغلي: خلال السنوات الماضية خلال ربع قرن كنا نرتكب الأخطاء في ظل الفوائض مالية، أما اليوم فمن الواضح مع التوجهات الجديدة في العالم خصوصاً الرسوم الجمركية، توجهات ترامب، وقف الحرب الروسية - الأوكرانية وانخفاض العامل الجيوسياسي، وزيادة إنتاج «أوبك بلس «اننا نسير نحو برميل نفط منخفض، فهذه الحتمية كيف من الممكن أن تبرز فيها الأخطاء أو تكون مخاطر الأخطاء التي كنا نرتكبها في زمن الوفرة فتتغطى، اما اليوم يمكن لا تتغطى وما هي من الممكن أن تكون مخاوفنا؟

• السعدون: لن نستطيع اكتشافها للأسف الا بعد فوات الآوان، لأن الجميع يعتقدون أنهم يستطيعون شراء الوقت بالفوائض المالية، حتى لو اقترضت، وزد حجم الاقتراض، اسحب من الاحتياطي، وأصدر قراراً بالسحب من الاحتياطي العام وتمديد السحب من الاحتياطي العام لمصروفات عسكرية، كما تم في العام 2019 تم السحب من الاحتياطي للأجيال القادمة وبيعت له أصول أو أسهم يفترض ألا يمتلكها.

فما دامت القضية قضية قرار حتى أشتري خمس أو ست سنوات. فهناك مخاطر عالية قد يكون الفأس «شق الرأس» إلى أن نكتشف هذا الأمر، لذلك دورنا وفنحن لا نملك أي وسيلة ولا سلطة باتخاذ قرار، دورنا التوعية، وعلينا أن نوصل هذه الرسالة، بغض النظر عن التكاليف على المستوى الشخصي، وأصبح علينا أن نصل هذه الرسالة لعل وعسى يستيقظ أحدهم في يوم من الأيام، لأن ما زال هناك متسع من الوقت، فنحن لسنا ضائعين وما زالت لدينا 4 أو 5 سنوات نستطيع أن نعدل فيها الأوضاع، 180 درجة. لكن تحتاج إلى عقل رغم وجوده لكن العقل غائب.

المخاطر تسارعت وقد نصل إلى مرحلة اللاعودة

• البغلي: على ما يبدو أنه ممكن أن يكون هناك تسارع حتى عن الأربع خمس سنوات، إذا انخفضت أسعار النفط بشكل كبير، أنا أذكر في أزمة كورونا حدثت قصة مبادلة، الأصول ما بين احتياطي الأجيال والاحتياطي العام، والبحث عن أرباح الجهات المستقلة، وأصبحنا كأن شركة صغيرة أو بقالة، حتى نسدد الرواتب في يوم أو يومين هذا الشهر، ماذا نعمل مع انخفاض أسعار النفط؟

• السعدون: مشكلتنا الإدارة، الإدارة، الإدارة، كما يقال في العقار، موقع موقع، موقع، وما دام مثل تشكيل إدارة لا نزال على نفس التشكيل في النهاية، فمن يتخذ القرار والإدارة لديها لك لديها سلطة مطلقة، زيادة عن أي مكان آخر في العالم، إنها تدير السياسة الاقتصادية.

أي في الاقتصاد أموالها سيادية في الدول الأخرى، أموالها ضريبية، بالتالي على الأقل هناك حراك في مقاومة للهدر والفساد، أما هنا فيعتقدون انها أموال سيادية والآن الحكومة هي صاحبة السلطة الرئيسية، وبالتالي، هي تتصرف من وحي إنها السلطة المطلقة، وهذا الامر يعد مشكلة كبيرة، ولا حل.

وفي الأيام الماضية العنف ليس حلاً، يجب أن نشعر بالود، ويجب أن نبقى نناكف ونقول أقسى الكلام بالتوعية، لكن نبقى حريصين على ألا نبلغ مرحلة العنف، لأن أي بلد ظهر فيه العنف «تفلت» لاسيما أننا بلد صغير ومحاط، فبالتالي يفترض أن نزيد جرعة النصائح القوية لعل وعسى أحداً يعي في الإدارة.

وأعتقد ان هناك بعض الأمل، حتى على مستوى الافراد الذين من الممكن أن يكونوا في الحكومة في يوم من الأيام، وأعتقد أن الرسالة وصلت فجميعنا في مخاطر حتمية، لكن الآن مع ما يحدث في العالم، المخاطر تسارعت وبالتالي، قد نصل إلى مرحلة اللاعودة قبل بكثير مما كنا نعتقد.

فعلينا أن نتصرف بشكل مختلف. أما فيما يتعلق بالحلول، أنا أقدر للحكومة إنها أوقفت بيع الإجازات ووضعت سقفاً للإنفاق العام، ولو أنها تصرف من أماكن أخرى، لكنها رتوش وليس هذا المطلوب بل مطلوب استدارة جوهرية، ومثال على ذلك الصين سنة 1979 كانت جائعة واخذت الصدارة بقرار جريء جوهري، تحولت أولاً قطع الزراعة إلى ملكية خاصة، ثم بعد ست سنوات حققت فائضاً وأعادت إلى بقية الاقتصاد وحولته. ولأول مرة في تاريخ بدأت تحقق نمواً برقمين لفترة طويلة من الزمن بنحو 30 سنة، وتحقق هذا الامر بالجهد بشري تحت منظومة رؤية وإيمان وقتال.

ونجد اليوم الصين متفوقة، حتى ما كانت تفخر فيه أميركا، أصبح لدى الصين كل شيء وهو عبر الجهد البشري.

إصلاحنا أسهل من أي بلد آخر في العالم

في الكويت ليس لدينا أزمة موارد ولا أزمة انفجار السكان، ولم نصل الى 100 مليون شخص وليست لدينا ديون متراكمة، ولا أزمات اقتصادية معقدة، بينما في دول كان الإصلاح بها مستحيل مثل رواندا، التي مرت بحرب أهلية طاحنة، كما أن هناك دولة كمثل فيتنام، قدمت صورة مبهرة للنمو الصناعي كيف من الممكن ان يتحقق ذلك؟

- يتم ذلك عبر البشر، وإدارتهم، فنحن ليس لدينا كافة هذه المشاكل؟ والاستدارة سهلة، لكن «ما الذي شيشلع الإدارة المعششة، «لا تستطيع، فمن الواجب ان يتم الإصلاح من الأسفل، وأنا أعتقد أن الناس على استعداد لقبول الإصلاح، إذا رأوا وجود قدوة ونموذجاً، بالتالي إصلاحنا أسهل من أي بلد آخر في العالم، وعلى سبيل المثال عندما استدارت تركيا عام 2001 كانت أصعب بكثير وأقل من الصين لكن كانت صعبة جداً، وقس على ذلك، فنلندا، وأيرلندا إلى آخره، وجميعهم قدموا نماذج، إضافة الى نمور آسيا. يعني كان حضور مصر مقابل كوريا في الـ61 أكبر لأن تكون بلداً متقدماً، انظر الى اين اتجهت مصر واين اتجهت كوريا، إذا الفرق في الادارة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق