آخر تحديث: 27 - أبريل - 2025 4:03 مساءً

الدخان المتصاعد جراء انفجار ميناء رجائي في بندر عباس في ايران (الصورة على اليمين) والدخان المتصاعد جراء انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب 2020 (الصورة على اليسار)
في مشهد يعيد إلى الأذهان الكارثة التي ضربت مرفأ بيروت في الرابع من آب 2020 ومشاهد الدمار الذي خلّفه احد اكبر انفجارات العالم ، شهدت إيران امس انفجارا مماثلا من حيث ضخامته في أحد مرافئها الحيوية وسط تكتم رسمي لافت، وهو ما يطرح التساؤلات حول طبيعة المواد المخزنة في الموانئ المدنية، رغم الخطر الكامن وراء توظيف هذه المرافئ في أغراض عسكريةولتخزين مواد شديدة الخطورة بالقرب من المناطق السكنية الحيوية.
فبين بندر عباس وبيروت، قواسم مشتركة مقلقة، أبرزها غياب الشفافية، وتخزين مواد متفجرة وسط بيئات مدنية مأهولة.
ورغم تكتم طهران على تفاصيل انفجار مرفأ بندر عباسفان المعلومات أفادت بان الانفجار وقع في أحد أهم الموانئ الإيرانية الواقعة جنوب البلاد على الخليج العربي و هو مرفأ بندر عباس، الا ان الرواية الرسمية والتي تسعى للتعتيم على الحادث اعتبرت ان الانفجار هو مجرد “حادث عرضي“جرى خلال نقل مواد كيميائية قابلة للاشتعال.
ولكن في المقابل، فان مصادر أمنية غربية أفادت أن الانفجار قد يكون نتيجة خطأ أثناء تخزين مواد شديدة الخطورة تستخدم في تصنيع المتفجرات أو تجهيز مواد متفجرة، ضمن نشاطات مرتبطة بالحرس الثوري الإيرانيوبأن المواد التي انفجرت مرتبطة بتوضيب تجهيزات عسكرية، قد تكون معدة لنقلها لإمداد حلفاء ايران واذرعهافي بعض الدول المجاورة.
اما وسائل إعلام دولية ومصادر استخباراتية لمّحت إلى أن ما حصل ببندر عباس يذكر بسيناريو كارثة مرفأ بيروت،عندما أدى تخزين نترات الأمونيوم لسنوات داخل المرفأ دون احتياطات السلامة إلى انفجار دمّر نصف العاصمة اللبنانية، نتيجة اهمال وفساد المنظومة حيث تم تخزين شحنة ضخمة من نترات الأمونيوم لأكثر من ست سنوات دون أي إجراءات حماية تذكر، اما في ايران فأن التخزين يبدو مقصودًا لأغراض عسكرية بحتة، وليس فقط نتيجة الإهمال الإداري.
ولكن في الحالتين اللبنانية والإيرانية، يبرز استخدام المرافئ المفترض أن تكون بوابات تجارية واقتصادية كغطاء لعمليات مشبوهة تتعلق بتخزين مواد حساسة تتعلق بتصنيع او تجهيز مواد عسكرية أو تهريب السلاح.
غير أن الفارق الأساسي بين الحالتين يكمن في التعامل الرسمي، ففي بيروت أدّى الانفجار إلى فتح تحقيقات محلية ودولية لم تصل إلى خواتيمها حتى الآن بسبب الضغوط السياسية، بينما تسعى إيران إلى تقليل حجم الكارثة إعلاميًا وتحجيم تداعياتها الأمنية.
كما انه بالنسبة لإيران فإنها تواجه قيودًا دولية صارمة على برامجها العسكرية، وهو ما يجعل الحرس الثوري الإيراني يعمل على استغلال المرافق المدنية لنقل أو تخزين تجهيزات عسكرية بعيدًا عن أعين الرقابة الدولية، وهو ما يمكن أيضا ان يتم اتباعه من قبل حلفاء ايران في المنطقة، وهو ما يحذّر منه خبراء أمنيون من أن مثل هذه السياسات قد تؤدي إلى تكرار الكوارث، وربما إلى إشعال نزاعات إقليمية مفتوحة إذا ما استُهدفت هذه المرافق في حروب مستقبلية.
ولكن اللافت ان الانفجار الذي وقع في إيران لم يولّد موجة استنكار دولية، بحجم تلك التي تبعت كارثة بيروت، ربما بسبب غموض المعلومات وتقييد السلطات الإيرانية لوسائل الإعلام، ومع ذلك، أثار الحادث مخاوف لدى عواصم غربية من أن تتحول المرافئ التجارية إلى بؤر خطرة تهدد الاستقرار الإقليمي، خصوصًا إذا ما تم تأكيد الطابع العسكري للمواد المخزنة.
اذا، فان انفجار مرفأ إيران الذي أدى الى مأساة مقصودة ضمن إطار عسكرة المرافق المدنية، يعيد التذكير بكارثة بيروت الناتجة عن الإهمال والفساد، ليس فقط على مستوى الدمار البشري والمادي المحتمل، بل أيضًا على صعيد الأخطار الكامنة في عسكرة المرافئ المدنية وتهديد حياة الأبرياء، وتدمير مقدرات الدول.
مما يبقى السؤال مفتوحا: كم من المرافئ في العالم تخفي خلف حاوياتها مشاريع انفجارية أخرى تنتظر لحظة خطأ أو إهمال كي تتحول إلى كوارث جديدة؟
لذلك، فان المطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى ليس فقط تحقيقات شفافة بل فرض آليات رقابة دولية صارمة تمنع تكرار هذه المآسي في مختلف دول العالم.
0 تعليق