أساطين المسجد النبوي
يُعتبر المسجد النبوي الشريف أحد أقدس الأماكن في الإسلام، ويحتوي على ثماني أساطين ترتبط ارتباطًا وثيقًا بحياة النبي ﷺ وصحبه الكرام، حيث تعد هذه الأساطين شاهدًا على العديد من الأحداث الهامة التي حدثت في العصر النبوي، وعلى مر العصور أصبحت تحكي فصولًا من السيرة النبوية العطرة، ورغم توسعات المسجد المتعاقبة، بقيت هذه الأساطين قائمة إلى وقتنا الحالي.
أسطوانة المخلقة (المطيبة): موضع صلاة النبي ﷺ والجذع الحاني
تُعد أسطوانة المخلقة واحدة من أبرز الأساطين في المسجد النبوي، وتسمى أيضًا بالمطيبة لأنها كانت تُعطر وتُطيب. كان هذا الموضع هو مكان صلاة النبي ﷺ في بعض الأحيان، وتُعد هذه الأسطوانة معلمًا تاريخيًا هامًا حيث كانت المكان الذي حن إليه الجذع الذي كان يشتاق إلى النبي ﷺ، هذه الأسطوانة حالياً ملاصقة للمحراب النبوي.
أسطوانة عائشة (أسطوانة القرعة): مكان تجمع الصحابة
تُعرف هذه الأسطوانة أيضًا بـ أسطوانة القرعة، حيث كان الصحابة يتجمعون في هذا الموضع للقيام بالقرعة في بعض الأمور، هي الثالثة من المنبر و الثالثة من الحجرة الشريفة، وتقع أيضًا قريبًا من القبلة، وقد صلى النبي ﷺ في هذا المكان لمدة بعد تحويل القبلة قبل أن يُحوّل إلى مصلاه.
أسطوانة التوبة: توبة الصحابي أبي لبابة
أسطوانة التوبة هي أسطوانة الصحابي الجليل أبي لبابة رضي الله عنه، الذي ربط نفسه بهذا الجذع تائبًا إلى الله عز وجل، وهذا المكان شهد نزول توبته، وكان أيضًا مجلس الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أثناء فترة حكمه.
أسطوانة السرير: معتكف النبي ﷺ
أسطوانة السرير كانت الموضع الذي كان يعتكف فيه النبي ﷺ، حيث كان يُوضع له سرير من جريد النخل ووسادة للنوم والراحة، وتُعتبر هذه الأسطوانة قريبة من أسطوانة التوبة، ويُذكر أنها تقع في الجهة الشرقية من المسجد، بالقرب من الشباك المطل على الروضة الشريفة.
أسطوانة المحرس: حراسة النبي ﷺ
تعرف هذه الأسطوانة أيضًا بـ أسطوانة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، الذي كان يجلس بالقرب منها لحراسة النبي ﷺ. تقع هذه الأسطوانة خلف أسطوانة السرير، مقابل الخوخة التي كان النبي ﷺ يخرج منها للصلاة.
أسطوانة الوفود: استقبال الصحابة والوفود
كانت أسطوانة الوفود هي المكان الذي كان النبي ﷺ يستقبل فيه الوفود القادمة إليه، وتُعرف هذه الأسطوانة أيضًا بـ مجلس القلادة، وكان يجتمع في هذا المكان الصحابة الكرام، وتقع هذه الأسطوانة خلف أسطوانة المحرس من الجهة الشمالية.
أسطوانة مربعة القبر: مقام جبريل عليه السلام
تُعرف أسطوانة مربعة القبر بمقام جبريل عليه السلام، وكان بجوارها باب بيت فاطمة رضي الله عنها، حيث كانت هذه المنطقة تقع داخل الجدار المحيط بالحجرة النبوية الشريفة من الجهة الغربية.
أسطوانة التهجد: مصلى النبي ﷺ أثناء الليل
كانت أسطوانة التهجد هي المكان الذي كان النبي ﷺ يصلي فيه الليل. ووردت العديد من الأحاديث النبوية التي تذكر فضل الصلاة في هذا الموضع، حيث كان النبي ﷺ يتحرى القيام في هذه الأسطوانة لتهجد الليل. تقع هذه الأسطوانة خلف بيت فاطمة رضي الله عنها من جهة الشمال.
تاريخ الأساطين وتوسعات المسجد النبوي
كان المسجد النبوي في عهد النبي ﷺ يحتوي على هذه الأساطين المصنوعة من جذوع النخل، وقد حافظت هذه الأساطين على أسمائها من عهد النبي ﷺ إلى يومنا هذا ومع توسعات الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، تم استبدال جذوع النخل بـ حجر البازلت المنحوت، وتم تثبيت أجزاء هذه الأساطين باستخدام أعمدة حديدية ورصاص مذاب. ورغم جميع التوسعات المتعاقبة التي شهدها المسجد النبوي، فإن أساطين المسجد بقيت كما هي إلى وقتنا الحاضر.
