النقار - خاص
صار لسلطة صنعاء قضاؤها الخاص الذي يصدر الأحكام غير القابلة للاستئناف، والتي تنفذ على أرض الواقع دونما تلكؤ. قضاء الجماعة لا علاقة له بالسلطة القضائية التي عدلوا قانونها بما يتيح لهم إدخال عناصر من خارج الجهاز القضائي، وإنما هو سوط الجماعة المسلط على خصومهم، أو من يرون فيه خصما محتملا.
وحصل “النقار” على معلومات من مصادر مقربة من الجماعة تفيد بأن لديها قضاؤها الخاص، وهو المعني بإصدار الأحكام التنفيذية على من يتم اعتقالهم من المعارضين والسياسيين، وكذا من عناصر الجماعة وقيادييها الذين ترى منهم بوادر تمرد على سياستها، فضلا عن انه الجهاز المعني باتخاذ القرارات بشأن مصادرة الممتلكات.
ووفقا لهذه المعلومات فإن القضاء الخاص بسلطة صنعاء هو جهاز غير معلن، يحاط بحالة غموض، نظرا لتداخله بين الجهاز الأمني الخاص بالجماعة والاجهزة الامنية الرسمية، والسلطة القضائية القائمة في مناطق السيطرة، فضلا عن ارتباطه بمفتي الديار، ومكتب زعيم الجماعة. منوهة إلى أن ما يطلق عليه الحارس القضائي مرتبط بقضاء الجماعة، وليس بالسلطة القضائية.
وتشير المعلومات ان القضاء الخاص بسلطة صنعاء يتواجد في السلطة القضائية الرسمية، عبر عضو مجلس القضاء الاعلى، عبد الوهاب المحبشي، والذي يعد بمثابة المشرف الاعلى للسلطة القضائية.
ويتولى قضاء سلطة صنعاء إصدار الأحكام بحق المعتقلين في جهاز الأمن والمخابرات، والذين لم يحالوا إلى النيابة العامة، حيث تحال له محاضر التحقيقات مع المعتقلين، وبموجبها تصدر الأحكام الباتة، والتي تنفذ دون إشعار من صدرت العقوبات بحقهم من المعتقلين، وتعرف هذه الاحكام داخل الجماعة بـ”العقوبات التأديبية”.
ويفيد أحد المصادر أن أحكام القضاء الخاص بسلطة صنعاء تقضي احيانا بالسجن لسنوات، واحيانا بابقاء المعتقل مسجونا إلى حين تحديد مدة السجن، غير ان مصدر ثان أفاد بأنه ليس كل المعتقلين في سجون الاجهزة الاستخباراتية تصدر بحقهم احكام، منوها الى ان الاحكام تصدر بحق من تحال أوراقهم فقط.
وبين مصدر ثالث الإجراءات التي بموجبها يتم إصدار الأحكام على المعتقلين، مشيرا إلى أن الحكم يصدر بعد إحالة محاضر التحقيقات مع المعتقل الى قضاء الجماعة، ويرفق بها رأي الجهة الاستخباراتية المعنية بالتحقيق، وتقرير آخر محقق تولى التحقيق النهائي مع المتهم، وهذا المحقق يعد بمثابة ضابط ارتباط بين الجهاز الأمني وقضاء الجماعة.
وأفاد “النقار” مصدر خاص ان بعض الاحكام يتم اجازتها من مفتي الديار، وهي تلك الأحكام المتعلقة بمصادرة الممتلكات الخاصة بخصوم الجماعة، والتي توضع تحت سلطة الحارس القضائي، المرتبط مباشرة بمكتب زعيم الجماعة، والذي يتولى إدارة تلك الأصول والتصرف بها، وجمع ايراداتها وتوجيهها خارج الاوعية الايرادية الرسمية.
ويتولى القضاء الخاص بسلطة صنعاء البت في قضايا المنازعات التجارية التي يتدخل فيها مكتب زعيم الجماعة، وتلك القضايا التي يوجه زعيم الجماعة بحلها بعد اثارتها اعلاميا، او وصولها إليه، ومنها تجبى اموال طائلة تحت مسمى اتعاب الصلح، وفقا لمصادر نظرت قضاياها من قبل قضاء الجماعة.
وبحسب مصدر مطلع فإن أحكام القضاء الخاص بسلطة صنعاء تراعي مصلحة الجماعة بدرجة رئيسية، وتأخذ في الاعتبار الجانب الامني، وتحقيق منفعة سياسية أو اقتصادية للجماعة أو نافذيها. ويؤكد المصدر لـ”النقار” ان الاختطافات التي تحصل لبعض التجار على ذمة قضايا منازعات تجارية يتدخل فيها نافذين مرتبطين بالجهازين الأمني والقضائي للجماعة، ويملكون نفوذ داخل الاجهزة الامنية الرسمية، لأن تلك القضايا تدر عليهم أموالا كثيرة، وتعد قضية التاجر ماهر السدعي المختطف من داخل مكتب المفتش العام بوزارة الداخلية نموذجا لذلك.
ويفيد المصدر ان الدائرة القانونية لسلطة صنعاء والتي ما يزال يوجهها المحبشي رغم استقالته بعد تعيينه في مجلس القضاء الأعلى، تعد جزء من القضاء الخاص بالجماعة، وتمثل مع إدارة مكتب زعيم الجماعة ومفتي الديار إدارة عليا لقضاء الجماعة والمتداخل في أجهزة أخرى.
ويسلط القضاء الخاص بسلطة صنعاء الضوء على طبيعة الهيكل التنظيمي للجماعة، والمتداخل مكوناته وتشكيلاته، والذي تسعى إلى لتكييف الهيكل الإداري للدولة عليه، وهو ما يجعله غير قادرة على التحول إلى دولة تدير شؤون المجتمع.
