خبراء: تُعزِّز الاحتياطى النقدى.. وتزيد من ثقة المؤسسات العالمية فى الاقتصاد المصرى

مصرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ
كتبت: أسماء ياسر
أعلن البنك المركزى ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج لتبلغ 20 مليار دولار خلال الشهور السبعة الأولى من العام المالى 2024 /2025 مقابل نحو 11 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام المالى السابق، بنسبة نمو قوية بلغت 81%.. وأوضح البنك أن تحويلات المصريين العاملين بالخارج قفزت خلال يناير الماضى بنسبة 83.2% لتصل إلى نحو 2.9 مليار دولار، مقارنة بنحو 1.6 مليار دولار فى يناير من العام السابق، وهى تدفقات لم تحدث من قبل خلال شهر يناير من كل عام.
اقرأ أيضًا | البنك المركزي: 9 مليارات دولار زيادة في تحويلات المصريين بالخارج | تفاصيل
ويؤكد د. على الإدريسى، أستاذ الاقتصاد الدولى وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، أن تحويلات المصريين بالخارج تعتبر أحد أهم مصادر العملة الأجنبية لمصر، وغالبًا ما تتفوق على عوائد السياحة وقناة السويس والاستثمارات الأجنبية، نظرًا لطبيعتها المستقرة والداعمة للاقتصاد الوطنى فى مختلف الظروف، موضحًا أن تحويلات المصريين بالخارج تُعد مصدرًا مستقرًا للعملة الصعبة، حيث لا تتأثر كثيرًا بالأزمات مثل السياحة أو الاستثمارات، مما يمنحها صفة الاستمرارية فى دعم الاقتصاد المصرى، وتوفر هذه التحويلات دعمًا دائمًا للاحتياطى الأجنبى.
كما أن لهذه التحويلات دورًا كبيرًا فى دعم ميزان المدفوعات وتحسين ميزان المعاملات الجارية وتقليل العجز فيه، وهو ما يسهم فى الحفاظ على التوازن الاقتصادى الخارجى لمصر، ويُعزز من قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها الدولية، بالإضافة إلى أن جزءًا كبيرًا من هذه التحويلات يذهب لأسر مصرية تنفقه على التعليم والعلاج والسكن وغيرها من الخدمات الأساسية، وهو ما يُحرك عجلة الاقتصاد المحلى من خلال زيادة الاستهلاك والطلب على السلع والخدمات، ويُحسن من جودة الحياة لملايين المصريين، كما أن لتحويلات المصريين بالخارج دورًا مزدوجًا اقتصاديًا واجتماعيًا، حيث تُخفف الضغط عن الحكومة فى دعم بعض الفئات الاجتماعية، وتخلق نوعًا من التوازن فى توزيع الدخول، مما يُسهم فى تحقيق العدالة الاجتماعية.
وشدد الإدريسى على أن كلما زادت التحويلات زاد المعروض من الدولار فى السوق، مما يقلل من الضغوط على الجنيه ويُسهم فى استقراره، كما أن كل دولار يأتى من الخارج من خلال التحويلات يقلل الحاجة للاقتراض من المؤسسات الدولية، وهو ما يقلل من أعباء الديون على الدولة، ويحسن من التصنيف الائتمانى لمصر، بالإضافة إلى أن بعض هذه التحويلات يتم توجيهها إلى مشروعات صغيرة أو متوسطة داخل مصر، وهو ما يُسهم فى تشجيع الاستثمار، لافتًا إلى أن ارتفاع التحويلات يعكس ثقة المصريين بالخارج فى الاقتصاد المصرى، ويزيد من ثقة المؤسسات المالية العالمية، مما يدعم فرص جذب الاستثمارات الأجنبية، ويُحسن من صورة الاقتصاد المصرى عالميًا، موضحًا أن من أهم الأدوات للحفاظ على تدفق التحويلات المحافظة على سعر صرف عادل ومحفز، يشجع المصريين بالخارج على التحويل عبر القنوات الرسمية، ويحد من لجوئهم للسوق الموازية أو القنوات غير الشرعية، مشيرًا إلى ضرورة تقليل الفجوة بين السعر الرسمى وسعر السوق الموازية، وتقديم حوافز ملموسة مثل الإعفاءات الجمركية، وشهادات استثمار خاصة للمغتربين، وأسعار صرف تفضيلية، ما يجعل القنوات الرسمية أكثر جذبًا للمغتربين، مشددًا على أهمية تسهيل فتح الحسابات وتحويل الأموال إلكترونيًا بسهولة وأمان، لافتًا إلى أنه يجب إطلاق برامج لربط المصريين بالخارج بالوطن الأم، عبر المشاركة فى مشروعات قومية أو صناعية، وتسويق مبادرات مثل «شركة المصريين بالخارج» للاستثمار فى قطاعات حيوية كالتعليم والعقار والصناعة، مؤكدًا أهمية مراقبة السوق الموازية وتقليل الأسباب التى تدفع المصريين لتحويل أموالهم بطرق غير رسمية، من خلال توفير بدائل أفضل ومصداقية أعلى فى القنوات الرسمية.
وفى نفس السياق، أوضح د. فرج عبد الله، أستاذ الاقتصاد وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسى، أن تحويلات العاملين بالخارج تمثل أحد أهم مصادر النقد الأجنبى فى مصر ضمن خمسة مصادر رئيسية، وتتميز بكونها تدخل مباشرة إلى الاحتياطى النقدى الأجنبى بالبنك المركزى، مما يجعلها تحويلات صافية لا تتحمل الدولة مقابلها أى أعباء أو تكاليف إضافية، بل تُسهم فى تعزيز قدرات الدولة على إدارة السيولة النقدية الأجنبية، لافتًا إلى أن هذه التحويلات تسهم بشكل مباشر فى تعزيز الاحتياطى النقدى الأجنبى بشكل مستمر، الأمر الذى يوفر حالة من الارتياح عند التعامل فى سوق النقد الرسمية، حيث تسمح تلك التدفقات بتحديد سعر صرف الجنيه وفقًا لآليات العرض والطلب من دون أن تتعرض العملة المحلية لضغوط بيعية تؤثر على قيمتها أمام الدولار.
وأشار عبد الله إلى أن من أبرز أسباب ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج فى الفترة الأخيرة إنهاء نظام تعدد أسعار الصرف وضبط سوق النقد الأجنبى، مما أسهم فى عودة التحويلات من السوق غير الرسمية إلى السوق الرسمية، مؤكدًا أن أهمية هذه الزيادة والمكاسب المترتبة عليها تشير بوضوح إلى استعادة السوق لحالة الانضباط، والانتهاء من ظاهرة السوق السوداء، بالإضافة إلى أن هذه التحويلات دعمت بشكل كبير قوة الجنيه خلال الفترة الماضية، مضيفًا أنه لولا هذه التحويلات لربما كنا شهدنا تغيرًا فى سعر الصرف، بسبب قلة المعروض من الدولار، لكن تحويلات المصريين بالخارج إلى المنظومة الرسمية ساهمت ذلك بشكل كبير فى زيادة الاحتياطى النقدى الأجنبى.
وفيما يتعلق بكيفية الحفاظ على هذه الوتيرة من الزيادة فى التحويلات شدد عبد الله على ضرورة ابتكار أدوات تحويل رسمية فعالة وقوية، لجذب جميع تحويلات العاملين بالخارج إلى القنوات الشرعية، من خلال أن نسرع من الأدوات التى يمكن للناس استخدامها فى عمليات التحويل، مثل إتاحة استخدام منصة إنستا باى للتحويلات بشكل فورى وبدون رسوم، مؤكدًا أن إلغاء رسوم تحويلات العاملين بالخارج سيكون حافزًا كبيرًا لتوجيه جميع التحويلات إلى المظلة الرسمية، مقترحًا أن تقيد التحويلات لتتم إلى نفس الحساب، أو إلى حسابات لأشخاص تربطهم صلة قرابة بالمُرسل، لافتًا إلى أهمية التعجيل باعتماد منصة «إنستا باى» أو أى منصة رسمية مماثلة تكون مخصصة لتحويلات العاملين بالخارج، وتُتيح إجراء التحويلات بشكل لحظى وآمن، مؤكدًا أن ذلك سيمثل نقلة نوعية فى تحويل الاقتصاد غير الرسمى إلى رسمى، مضيفًا أن هذا الإجراء سيسهم فى منع المضاربات والمبالغة فى تقدير قيمة الدولار بالسوق السوداء، كما يتيح للدولة بيانات دقيقة حول حجم تحويلات المصريين بالخارج سنويًا، ما يُشكل أساسًا علميًا يُمكن من خلاله بناء سياسات اقتصادية رشيدة وفعالة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق